وبمكة أخرى (1). وقد رواه مسلم من حديث زهير وأخرجاه من حديث شعبة. زاد البخاري وإسرائيل ثلاثتهم عن أبي إسحاق عمرو بن عبد الله السبيعي، عن زيد به. وهذا الذي قال أبو إسحاق من أنه عليه السلام حج بمكة حجة أخرى أي أراد أنه لم يقع منه بمكة إلا حجة واحدة ما هو ظاهر لفظه فهو بعيد (2) فإنه عليه السلام كان بعد الرسالة يحضر مواسم الحج ويدعو الناس إلى الله ويقول: " من رجل يؤويني حتى أبلغ كلام ربي فإن قريشا قد منعوني أن أبلغ كلام ربي عز وجل " حتى قيض الله جماعة الأنصار يلقونه ليلة العقبة أي عشية يوم النحر، عند جمرة العقبة ثلاث سنين متتاليات، حتى إذا كانوا آخر سنة بايعوه ليلة العقبة الثانية، وهي ثالث اجتماعه لهم به ثم كانت بعدها الهجرة إلى المدينة كما قدمنا ذلك مبسوطا في موضعه. والله أعلم.
وفي حديث جعفر بن محمد بن علي بن الحسين، عن أبيه، عن جابر بن عبد الله. قال: أقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة تسع سنين لم يحج، ثم أذن في الناس بالحج فاجتمع بالمدينة بشر كثير، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم لخمس بقين من ذي القعدة أو لأربع، فلما كان بذي الحليفة صلى ثم استوى على راحلته فلما أخذت به في البيداء لبى، وأهللنا لا ننوي إلا الحج. وسيأتي الحديث بطوله وهو في صحيح مسلم وهذا لفظ البيهقي (3) من طريق أحمد بن حنبل عن إبراهيم بن طهمان عن جعفر بن محمد به.
باب خروجه عليه السلام من المدينة لحجة الوداع بعد ما استعمل عليها أبا دجانة بن حرشة الساعدي، ويقال سباع بن عرفطة الغفاري قال محمد بن إسحاق: فلما دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم ذو القعدة من سنة عشر تجهز للحج، وأمر الناس بالجهاز له فحدثني عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه القاسم بن محمد، عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الحج لخمس ليال بقين من ذي القعدة وهذا إسناد جيد، وروى الامام مالك في موطائه: عن يحيى بن سعيد الأنصاري، عن عمرة، عن عائشة.
ورواه الإمام أحمد عن عبد الله بن نمير، عن يحيى بن سعيد الأنصاري، عن عمرة عنها. وهو ثابت في الصحيحين وسنن النسائي وابن ماجة ومصنف ابن أبي شيبة: من طرق عن يحيى بن