عاصم فحلف عكرمة - ما كان يومئذ إلا على بعير. وفي رواية ناقته. وقال الإمام أحمد: ثنا هشيم، ثنا يزيد بن أبي زياد، عن عكرمة عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم طاف بالبيت وهو على بعير واستلم الحجر بمحجن كان معه. قال وأتى السقاية فقال: أسقوني! فقالوا: إن هذا يخوضه الناس ولكنا نأتيك به من البيت. فقال: لا حاجة لي فيه أسقوني مما يشرب الناس. وقد روى أبو داود: عن مسدد، عن خالد الطحان، عن يزيد بن أبي زياد عن عكرمة، عن ابن عباس.
قال: قدم رسول الله مكة ونحن نستقي فطاف على راحلته الحديث. وقال الإمام أحمد: حدثنا روح وعفان قالا: ثنا حماد، عن قيس وقال عفان في حديثه أنبأنا قيس، عن مجاهد عن ابن عباس. أنه قال: جاء النبي صلى الله عليه وسلم إلى زمزم فنزعنا له دلوا فشرب، ثم مج فيها ثم أفرغناها في زمزم. ثم قال: لولا أن تغلبوا عليها لنزعت بيدي - انفرد به أحمد وإسناده على شرط مسلم.
فصل ثم إنه صلى الله عليه وسلم لم يعد الطواف بين الصفا والمروة مرة ثانية بل اكتفى بطوافه الأول. كما روى مسلم في صحيحه من طريق ابن جريج: أخبرني أبو الزبير، سمعت جابر بن عبد الله يقول: لم يطف النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه بين الصفا والمروة إلا طوافا واحدا. قلت والمراد بأصحابه هاهنا الذين ساقوا الهدي وكانوا قارنين. كما ثبت في صحيح مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعائشة: - وكانت أدخلت الحج على العمرة فصارت قارنة - يكفيك طوافك بالبيت وبين الصفا والمروة لحجك وعمرتك. وعند أصحاب الإمام أحمد أن قول جابر وأصحابه عام في القارنين والمتمتعين. ولهذا نص الإمام أحمد على أن المتمتع يكفيه طواف واحد عن حجه وعمرته وإن تحلل بينهما تحلل. وهو قول غريب مأخذه ظاهر عموم الحديث. والله أعلم. وقال أصحاب أبي حنيفة في المتمتع كما قال المالكية والشافعية إنه يجب عليه طوافان وسعيان حتى طردت الحنفية ذلك في القارن وهو من إفراد مذهبهم أنه يطوف طوافين ويسعى سعيين ونقلوا ذلك عن علي موقوفا. وروي عنه مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقد قدمنا الكلام على ذلك كله عند الطواف وبينا أن أسانيد ذلك ضعيفة مخالفة للأحاديث الصحيحة. والله أعلم.
فصل ثم رجع عليه السلام إلى منى بعد ما صلى الظهر بمكة كما دل عليه حديت جابر. وقال ابن عمر: رجع فصلى الظهر بمنى رواهما مسلم كما تقدم قريبا ويمكن الجمع بينهما بوقوع ذلك بمكة وبمنى والله أعلم. وتوقف ابن حزم في هذا المقام فلم يجزم فيه بشئ وهو معذور لتعارض النقلين الصحيحين فيه فالله أعلم. وقال محمد بن إسحاق، عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه، عن عائشة قالت: أفاض رسول الله صلى الله عليه وسلم من آخر يومه حين صلى الظهر ثم رجع إلى منى فمكث بها ليالي أيام التشريق يرمي الجمرات إذا زالت الشمس كل جمرة بسبع حصيات يكبر مع كل حصاة.