كتاب الوفود (1) الواردين إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال محمد بن إسحاق: لما افتتح رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة وفرغ من تبوك وأسلمت ثقيف وبايعت ضربت إليه وفود العرب من كل وجه، قال ابن هشام: حدثني أبو عبيدة أن ذلك في سنة تسع، وأنها كنت تسمى سنة الوفود، قال ابن إسحاق: وإنما كانت العرب تربص باسلامها أمر هذا الحي من قريش، لان قريشا كانوا إمام الناس وهاديتهم وأهل البيت والحرم وصريح ولد إسماعيل بن إبراهيم وقادة العرب لا ينكرون ذلك، وكانت قريش هي التي نصبت الحرب لرسول الله صلى الله عليه وسلم وخلافه، فلما افتتحت مكة ودانت به قريش ودوخها الاسلام، عرفت العرب أنهم لا طاقة لهم بحرب رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا عداوته فدخلوا في دين الله كما قال عز وجل * (أفواجا) * يضربون إليه من كل وجه، يقول الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم * (إذا جاء نصر الله والفتح ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجا فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان توابا) * أي فاحمد الله على ما ظهر من دينك، واستغفره إنه كان توابا، وقد قدمنا حديث عمرو بن مسلمة قال: كانت العرب تلوم باسلامهم الفتح، فيقولون: اتركوه وقومه فإنه إن ظهر عليهم فهو نبي صادق، فلما كانت وقعة أهل الفتح بادر كل قوم باسلامهم وبدر - أي قومي - باسلامهم، فلما قدم قال جئتكم والله من عند النبي حقا، قال صلوا صلاة كذا في حين كذا، وصلاة كذا في حين كذا، فإذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم أحدكم وليؤمكم أكثركم قرآنا، وذكر تمام الحديث وهو في صحيح البخاري.
قلت: وقد ذكر محمد بن إسحاق ثم الواقدي والبخاري ثم البيهقي بعدهم من الوفود ما هو متقدم تاريخ قدومهم على سنة تسع بل وعلى فتح مكة. وقد قال الله تعالى * (لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح قاتل أولئك أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا وكلا وعد الله الحسنى) * [الحديد: 10] وتقدم قوله صلى الله عليه وسلم يوم الفتح " لا هجرة ولكن جهاد ونية " فيجب التمييز