رفع فارفعوا، وإذا سجد فاسجدوا، وإذا صلى جالسا فصلوا جلوسا أجمعون. قالوا: ثم إنه عليه السلام أمهم قاعدا وهم قيام في مرض الموت فدل على نسخ ما تقدم. والله أعلم. وقد تنوعت مسالك الناس في الجواب عن هذا الاستدلال على وجوه كثيرة موضع ذكرها كتاب الأحكام الكبير إن شاء الله وبه الثقة وعليه التكلان. وملخص ذلك أن من الناس من زعم أن الصحابة جلسوا لامره المتقدم وإنما استمر أبو بكر قائما لأجل التبليغ عنه صلى الله عليه وسلم. ومن الناس من قال: بل كان أبو بكر هو الامام في نفس الامر كما صرح به بعض الرواة كما تقدم. وكان أبو بكر لشدة أدبه مع الرسول الله صلى الله عليه وسلم لا يبادره بل يقتدي به فكأنه عليه السلام صار إمام الامام فلهذا لم يجلسوا لاقتدائهم بأبي بكر وهو قائم، ولم يجلس الصديق لأجل أنه إمام ولأنه يبلغهم عن النبي صلى الله عليه وسلم الحركات والسكنات والانتقالات والله أعلم. ومن الناس من قال: فرق بين أن يبتدئ الصلاة خلف الامام في حال القيام فيستمر فيها قائما وإن طرأ جلوس الامام في أثنائها كما في هذه الحال وبين أن يبتدي الصلاة خلف إمام جالس فيجب الجلوس للحديث المتقدم. والله أعلم. ومن الناس من قال: هذا الصنيع والحديث المتقدم دليل على جواز القيام والجلوس وإن كلا منهما سائغ جائز الجلوس لما تقدم والقيام للفعل المتأخر. والله أعلم.
احتضاره ووفاته عليه السلام قال الإمام أحمد: ثنا أبو معاوية، ثنا الأعمش، عن إبراهيم التيمي، عن الحارث بن سويد، عن عبد الله هو ابن مسعود. قال: دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم وهو يوعك فمسسته. فقلت: يا رسول الله إنك لتوعك وعكا شديدا. قال: أجل! إني أوعك كما يوعك الرجلان منكم قلت: إن لك أجرين.
قال: " نعم! والذي نفسي بيده ما على الأرض مسلم يصيبه أذى من مرض فما سواه إلا حط الله عنه خطاياه كما تحط الشجرة ورقها ". وقد أخرجه البخاري ومسلم من طرق متعددة عن سليمان بن مهران الأعمش به. وقال الحافظ أبو يعلى الموصلي في مسنده: حدثنا إسحاق بن أبي إسرائيل، ثنا عبد الرزاق، أنبأنا معمر، عن زيد بن أسلم، عن رجل، عن أبي سعيد الخدري. قال: وضع يده على النبي صلى الله عليه وسلم فقال والله ما أطيق أن أضع يدي عليك من شدة حماك. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " إنا معشر الأنبياء يضاعف لنا البلاء كما يضاعف لنا الاجر، إن كان النبي من الأنبياء ليبتلي بالقمل حتى يقتله، وإن كان الرجل ليبتلي بالعري حتى يأخذ العباءة فيجوبها، وإن كانوا ليفرحون بالبلاء كما يفرحون بالرخاء " فيه رجل مبهم لا يعرف بالكلية. فالله أعلم. وقد روى البخاري ومسلم من حديث سفيان الثوري، وشعبة بن الحجاج زاد مسلم - وجرير - ثلاثتهم عن الأعمش، عن أبي وائل، شقيق بن سلمة عن مسروق، عن عائشة. قالت: ما رأيت الوجع على أحد أشد منه على رسول الله صلى الله عليه وسلم. وفي صحيح البخاري: من حديث يزيد بن الهاد، عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه، عن عائشة. قالت: مات رسول الله صلى الله عليه وسلم بين حاقنتي وذاقنتي، فلا أكره شدة الموت لاحد بعد النبي صلى الله عليه وسلم. وفي الحديث الآخر الذي رواه [البخاري] - في صحيحه - قال: قال رسول الله: