وذكر وفد أزد عمان وغافق وبارق وثمالة والحدار (1) وأسلم وجذام ومهرة وحمير ونجران وحيسان (2). وبسط الكلام على هذه القبائل بطول جدا، وقد قدمنا بعض ما يتعلق بذلك وفيما أوردناه كفاية والله أعلم. ثم قال الواقدي.
وفد السباع حدثني شعيب بن عبادة عن المطلب بن عبد الله بن حنظب قال: بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم جالس بالمدينة في أصحابه أقبل ذئب فوقف بين يديه فعوى. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " هذا وافد السباع إليكم، فإن أحببتم أن تفرضوا له شيئا لا يعدوه إلى غيره وإن أحببتم تركتموه وتحذرتم منه فما أخذ فهو رزقه ". قالوا: يا رسول الله ما تطيب أنفسنا له بشئ، فأومأ إليه النبي صلى الله عليه وسلم بأصابعه الثلاث: أي خالسهم فولى وله عسلان. وهذا مرسل من هذا الوجه ويشبه هذا الذئب الذئب الذي ذكر في الحديث الذي رواه الإمام أحمد: حدثنا يزيد بن هارون أنبأنا القاسم بن الفضل الحداني (3)، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد الخدري. قال: عدا الذئب على شاة فأخذها فطلبها الراعي، فانتزعها منه فأقعى الذئب على ذنبه فقال: ألا تتقي الله تنزع مني رزقا ساقه الله إلي، فقال:
يا عجبا ذئب مقع على ذنبه يكلمني كلام الانس. فقال الذئب: ألا أخبرك بأعجب من ذلك؟
محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم بيثرب يخبر الناس بأنباء ما قد سبق. قال: فأقبل الراعي يسوق غنمه، حتى دخل المدينة فزاواها إلى زاوية من زواياها ثم أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فنودي: الصلاة جامعة، ثم خرج فقال للأعرابي: أخبرهم، فأخبرهم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " صدق والذي نفس محمد بيده لا تقوم الساعة حتى تكلم السباع الانس وتكلم الرجل عذبة سوطه وشراك نعله وتخبره فخذه بما أحدث أهله بعده " (4). وقد رواه الترمذي عن سفيان بن وكيع بن الجراح، عن أبيه عن القاسم بن الفضل به، وقال حسن غريب صحيح لا نعرفه إلا من حديث القاسم بن الفضل به وهو ثقة مأمون عند أهل الحديث وثقه يحيى وابن مهدي.
قلت: وقد رواه الإمام أحمد أيضا: حدثنا أبو اليمان، أنبأنا شعيب هو ابن أبي حمزة حدثني عبد الله بن أبي الحسين، حدثني مهران، أنبأنا أبو سعيد الخدري حدثه، فذكر هذه القصة بطولها بأبسط من هذا السياق. ثم رواه أحمد: حدثنا أبو النضر، ثنا عبد الحميد بن بهرام، ثنا شهر،