ولا نقول ما يسخط الرب، لولا أنه وعد صادق، وموعود جامع، وأن الآخر منا يتبع الأول، لوجدنا عليك يا إبراهيم وجدا أشد مما وجدنا، وإنا بك يا إبراهيم لمحزونون " وقال الإمام أحمد:
ثنا أسود بن عامر، ثنا إسرائيل، عن جابر عن الشعبي، عن البراء. قال: صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على ابنه إبراهيم، ومات وهو ابن ستة عشر شهرا. وقال: " إن له في الجنة من يتم رضاعه وهو صديق " وقد روي من حديث الحكم بن عيينة عن الشعبي، عن البراء. وقال أبو يعلى: ثنا القواريري، ثنا إسماعيل بن أبي خالد، عن ابن أبي أوفى قال: صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على ابنه، وصليت خلفه وكبر عليه أربعا. وقد روى يونس بن بكير، عن محمد بن إسحاق، حدثني محمد بن طلحة بن يزيد بن ركانة قال: مات إبراهيم بن رسول الله وهو ابن ثمانية عشر شهرا، فلم يصل عليه. وروى ابن عساكر من حديث إسحاق بن محمد الفروي، عن عيسى بن عبد الله بن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب، عن أبيه، عن أبي جده عن علي قال: لما توفي إبراهيم بن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث علي بن أبي طالب إلى أمة مارية القبطية وهي في مشربة، فحمله علي في سفط وجعله بين يديه على الفرس، ثم جاء به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فغسله وكفنه وخرج به، وخرج الناس معه، فدفنه في الزقاق الذي يلي دار محمد بن زيد، فدخل علي في قبره حتى سوى عليه ودفنه، ثم خرج ورش على قبره، وأدخل رسول الله يده في قبره فقال " أما والله إنه لنبي ابن نبي " وبكى رسول الله صلى الله عليه وسلم وبكى المسلمون حوله حتى ارتفع الصوت، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " تدمع العين ويحزن القلب. ولا نقول ما يغضب الرب، وإنا عليك يا إبراهيم لمحزونون ". وقال الواقدي: مات إبراهيم بن رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الثلاثاء لعشر ليال خلون من ربيع الأول سنة عشر، وهو ابن ثمانية عشر شهرا في بني مازن بن النجار في دار أم برزة (1) بنت المنذر، ودفن بالبقيع.
قلت: وقد قدمنا أن الشمس كسفت يوم موته، فقال الناس كسفت لموت إبراهيم. فخطب رسول الله فقال في خطبته: " إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله عز وجل، لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته " قاله الحافظ الكبير أبو القاسم بن عساكر.
باب ذكر عبيده عليه الصلاة والسلام وإمائه وخدمه وكتابه وأمنائه ولنذكر ما أورده مع الزيادة والنقصان وبالله المستعان.
فمنهم أسامة بن زيد بن حارثة أبو زيد الكلبي، ويقال أبو يزيد ويقال أبو محمد مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم وابن مولاه، وحبه وابن حبه، وأمه أم أيمن، واسمها بركة كانت حاضنة رسول الله صلى الله عليه وسلم في صغره، وممن آمن به قديما بعد بعثته، وقد أمره رسول الله صلى الله عليه وسلم في آخر أيام حياته، وكان عمره إذ ذاك