بشرتنا فأعطنا فتغير وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجاء ناس من أهل اليمن فقال: " اقبلوا البشرى إذ لم يقبلها بنو تميم " فقالوا: قبلنا يا رسول الله (1) وقد رواه الترمذي والنسائي من حديث الثوري به وهذا كله مما يدل على فضل وفود أهل اليمن وليس فيه تعرض لوقت وفودهم، ووفد بني تميم وإن كان متأخرا قدومهم لا يلزم من هذا أن يكون مقارنا لقدوم الأشعريين بل الأشعريين متقدم وفدهم على هذا فإنهم قدموا صحبة أبي موسى الأشعري في صحبة جعفر بن أبي طالب، وأصحابه من المهاجرين الذين كانوا بالحبشة، وذلك كله حين فتح رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر كما قدمناه مبسوطا في موضعه، وتقدم قوله صلى الله عليه وسلم: " والله ما أدري بأيهما أسر أبقدوم جعفر أو بفتح خيبر " والله سبحانه وتعالى أعلم. قال البخاري (2):
قصة عمان والبحرين حدثنا قتيبة بن سعيد، ثنا سفيان سمع محمد بن المنكدر سمع جابر بن عبد الله يقول: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لو قد جاء مال البحرين لقد أعطيتك هكذا وهكذا وهكذا " ثلاثا فلم يقدم مال البحرين حتى قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما قدم على أبي بكر أمر مناديا فنادى: من كان له عند النبي صلى الله عليه وسلم دين أو عدة فليأتني. قال جابر: فجئت أبا بكر فأخبرته أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " لو قد جاء مال البحرين أعطيتك هكذا وهكذا ثلاثا " قال: فأعرض عني قال جابر فلقيت أبا بكر بعد ذلك فسألته فلم يعطني ثم أتيته فلم يعطني ثم أتيته الثالثة فلم يعطني فقلت له: قد أتيتك فلم تعطني، ثم أتيتك فلم تعطني، فأما أن تعطني وإما أن تبخل عني. قال: قلت تبخل عني؟
قال: وأي داء أدوأ من البخل؟ قالها ثلاثا ما منعتك من مرة إلا وأنا أريد أن أعطيك وهكذا رواه البخاري ها هنا وقد رواه مسلم عن عمرو الناقد عن سفيان بن عيينة به ثم قال البخاري بعده:
وعن عمرو عن محمد بن علي: سمعت جابر بن عبد الله يقول: جئته فقال لي أبو بكر: عدها فعددتها فوجدتها خمسمائة، فقال: خذ مثلها مرتين. وقد رواه البخاري أيضا عن علي بن المديني، عن سفيان هو ابن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن محمد بن علي أبي جعفر الباقر، عن جابر كروايته له عن قتيبة ورواه أيضا هو ومسلم من طرق أخر عن سفيان بن عيينة عن عمرو، عن محمد بن علي، عن جابر بنحوه. وفي رواية أخرى له: أنه أمره فحثى بيديه من دراهم فعدها فإذا هي خمسمائة فأضعفها له مرتين يعني فكان جملة ما أعطاه ألفا وخمسمائة درهم.