وما كان من أمر الناس حتى فاؤوا ورجعوا إلى الله تائبين نازعين عما كانوا عليه في حال ردتهم من السفاهة والجهل العظيم الذي استفزهم الشيطان به، حتى نصرهم الله وثبتهم وردهم إلى دينه الحق على يدي الخليفة الصديق أبي بكر رضي الله عنه وأرضاه، كما سيأتي مبسوطا مبينا مشروحا إن شاء الله.
فصل وقد ذكر ابن إسحاق وغيره قصائد لحسان بن ثابت رضي الله عنه في وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن أجل ذلك وأفصحه وأعظمه، ما رواه عبد الملك بن هشام رحمه الله عن أبي زيد الأنصاري أن حسان بن ثابت رضي الله عنه قال يبكي رسول الله صلى الله عليه وسلم:
بطيبة رسم للرسول ومعهد * منير وقد تعفو الرسوم وتمهد (1) ولا تمتحى الآيات من دار حرمة * بها منبر الهادي الذي كان يصعد وواضح آيات وباقي معالم * وربع له فيه مصلى ومسجد بها حجرات كان ينزل وسطها * من الله نور يستضاء ويوقد معارف لم تطمس على العهد آيها * أتاها البلا فالآي منها تجدد عرفت بها رسم الرسول وعهده * وقبرا بها واراه في الترب ملحد ظللت بها أبكي الرسول فأسعدت * عيون ومثلاها من الجن تسعد (2) يذكرن آلاء الرسول ولا أرى * لها محصيا نفسي فنفسي تبلد مفجعة قد شفها فقد أحمد * فظلت لآلاء الرسول تعدد وما بلغت من كل أمر عشيره * ولكن لنفسي بعد ما قد توجد أطالت وقوفا تذرف العين جهدها * على طلل القبر الذي فيه أحمد فبوركت يا قبر الرسول وبوركت * بلاد ثوى فيها الرشيد المسدد (3) تهيل عليه الترب أيد وأعين * عليه - وقد غارت بذلك - أسعد لقد غيبوا حلما وعلما ورحمة * عشية علوه الثرى لا يوسد وراحوا بحزن ليس فيهم نبيهم * وقد وهنت منهم ظهور وأعضد ويبكون من تبكي السماوات يومه * ومن قد بكته الأرض فالناس أكمد