رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يتحلل من النسكين فلم يكن متمتعا وذكرت أنها سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يعمرها من التنعيم. وقالت: يا رسول الله ينطلقون بحج وعمرة وأنطلق بحج، فبعثها مع أخيها عبد الرحمن بن أبي بكر فأعمرها من التنعيم، ولم يذكر أنه عليه السلام اعتمر بعد حجته فلم يكن مفردا. فعلم أنه كان قارنا لأنه كان باتفاق الناس قد اعتمر في حجة الوداع. والله أعلم. وقد تقدم ما رواه الحافظ البيهقي: من طريق يزيد بن هارون، عن زكريا بن أبي زائدة، عن أبي إسحاق، عن البراء بن عازب أنه قال: اعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم. ثلاث عمر كلهن في ذي القعدة فقالت عائشة: لقد علم أنه اعتمر أربع عمر بعمرته التي حج معها. وقال البيهقي: في الخلافيات. أخبرنا أبو بكر بن الحارث الفقيه، أنبأنا أبو محمد بن حبان الأصبهاني، أنبأنا إبراهيم بن شريك، أنبأنا أحمد بن يونس، ثنا زهير، ثنا أبو إسحاق، عن مجاهد قال: سئل ابن عمر كم اعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال مرتين. فقالت عائشة لقد علم ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم اعتمر ثلاثا سوى العمرة التي قرنها مع حجة الوداع. ثم قال البيهقي: وهذا إسناد لا بأس به لكن فيه إرسال - مجاهد لم يسمع من عائشة في قول بعض المحدثين. قلت كان شعبة ينكره، وأما البخاري ومسلم فإنهما أثبتاه والله أعلم. وقد روي من حديث القاسم بن عبد الرحمن بن أبي بكر، وعروة بن الزبير وغير واحد عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان معه الهدي عام حجة الوداع وفي إعمارها من التنعيم ومصادقتها له منهبطا على أهل مكة وبيتوته بالمحصب حتى صلى الصبح بمكة، ثم رجع إلى المدينة. وهذا كله مما يدل على أنه عليه السلام لم يعتمر بعد حجته تلك ولم أعلم أحدا من الصحابة نقله. ومعلوم أنه لم يتحلل بين النسكين، ولا روى أحد أنه عليه السلام بعد طوافه بالبيت وسعيه بين الصفا والمروة حلق ولا قصر ولا تحلل بل استمر على إحرامه باتفاق، ولم ينقل أنه أهل بحج لما سار إلى منى فعلم أنه لم يكن متمتعا. وقد اتفقوا على أنه عليه السلام اعتمر عام حجة الوداع، فلم يتحلل بين النسكين ولا أنشأ إحراما للحج ولا اعتمر بعد الحج فلزم القران، وهذا مما يعسر الجواب عنه والله أعلم. وأيضا فإن رواية القران مثبتة لما سكت عنه أو نفاه من روى الافراد والتمتع فهي مقدمة عليها كما هو مقرر في علم الأصول. وعن أبي عمران أنه حج مع مع مواليه. قال: فأتيت أم سلمة فقلت: يا أم المؤمنين إني لم أحج قط، فأيهما أبدأ بالعمرة أم بالحج؟ قالت: ابدأ بأيهما شئت. قال: ثم أتيت صفية أم المؤمنين فسألتها فقالت: لي مثل ما قالت لي، ثم جئت أم سلمة فأخبرتها بقول صفية فقالت لي أم سلمة: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: يا آل محمد من حج منكم فليهل بعمرة في حجة. رواه ابن حبان في صحيحه وقد رواه ابن حزم في حجة الوداع من حديث الليث بن سعد عن يزيد بن أبي حبيب، عن أسلم، عن أبي عمران عن أم سلمة به.
فصل إن قيل: قد رويتم عن جماعة من الصحابة أنه عليه السلام أفرد الحج ثم رويتم عن هؤلاء