على وهنهم وخوفا على خوفهم؛ فلما كان بعد يومين أتت الفرنج أمداد في البحر مع كند من الكنود البحرية يقال له: الكند هري ابن أخي ملك إفرنسيس لأبيه وابني أخي ملك انكلتار لأمه، ووصل معه من الأموال شيء كثير يفوق الإحصاء، فوصل إلى الفرنج فجند الأجناد وبذل الأموال، فعادت نفوسهم قوية واطمأنت، وأخبرهم أن الأمداد واصلة إليهم يتلو بعضها بعضا، فتماسكوا وحفظوا مكانهم، ثم أظهروا أنهم يريدون الخروج إلى لقاء المسلمين وقتالهم، فانتقل صلاح الدين من مكانه إلى الخروبة في السابع والعشرين من جمادى الآخرة ليتسع المجال، وكانت المنزلة قد أنتنت بريح القتلى.
ثم إن الكند هري نصب منجنيقا ودبابات وعرادات، فخرج من بعكا من المسلمين فأخذوها وقتلوا عندها كثيرا من الفرنج، ثم إن الكند هري بعد أخذ مجانيقه أراد أن ينصب منجنيقا، فلم يتمكن من ذلك لأن المسلمين بعكا كانوا يمنعون من عمل ستائر يستتر بها من يرمي من المنجنيق، فعملا تلا من تراب بالبعد من البلد.
ثم إن الفرنج كانوا ينقلون التل إلى البلد بالتدريج، ويستترون به ويقربونه إلى البلد، فلما صار من البلد بحيث يصل من عنده حجر منجنيق نصبوا وراءه منجنيقين، وصار التل سترة لهما، وكانت الميرة قد قلت بعكا فأرسل صلاح الدين إلى الإسكندرية يأمرهم بإنفاذ الأقوات واللحوم وغير ذلك في المراكب إلى عكا فتأخر إنفاذها فسير إلى نائبه بمدينة بيروت في ذلك فسير بطسة عظيمة مملوءة من كل ما يريدونه وأمر من بها فلبسوا ملبس الفرنج وتشبهوا بهم ورفعوا عليها الصلبان فلما وصلوا إلى عكا لم يشك