العسكر، وقصدها لينظر إليها، ويبصر مواضع النزول عليها وكيف يقاتلها فلما قاربها كمن أكثر العسكر الذي معه في عدة مواضع ثم تقدم إليها في نحو ثلاثة آلاف فارس فلما رآه من بها من الكرج طمعوا فيه لقلة من معه ولم يعلموا ما معهم، فظهروا اليه فقاتلوه، فتأخر عنهم، فقوي طمعهم، فظنوه منهزما فتبعوه، فلما توسطوا العساكر خرجوا عليهم، ووضعوا السيف فيهم، فقتل أكثرهم وانهزم الباقون إلى المدينة، فدخلوها وتبعهم المسلمون، فلما وصلوا إليها نادى المسلمون من أهلها بشعار الاسلام، وباسم جلال الدين، فألقى الكرج بأيديهم واستسلموا لأنهم كانوا قد قتل رجالهم في الوقعات المذكورة فقل عددهم، وملئت قلوبهم خوفا ورعبا، فملك المسلمون البلد عنوة وقهرا بغير أمان، وقتل كل من فيه من الكرج، ولم يبق على كبير ولا صغير إلا من أذعن بالإسلام، وأقر بكلمتي الشهادة، فإنهم أبقى عليهم، وأمرهم فتختنوا وتركهم.
ونهب المسلمون الأموال، وسبوا النساء واسترقوا الأولاد، ووصل إلى المسلمين الذين بها بعض الأذى من قتل ونهب وغيره.
وهذه تفليس من أحصن البلاد وأمنعها، وهي س جانبي نهر الكرج، وهو نهر كبير، ولقد جل هذا الفتح وعظم موقعه في بلاد الاسلام، وعند المسلمين، فإن الكرج كانوا قد استطالوا عليهم، وفعلوا بهم ما أرادوا، فكانوا يقصدون أي بلاد أذربيجان أرادوا، فلا يمنعهم عنها مانع، ولا يدفعهم عنها دافع، وهكذا أرزن الروم، حتى إن صاحبها لبس خلعة ملك الكرج، ورفع على رأسه علما منه في أعلاه صليب، وتنصر ولده رغبة في نكاح ملكة الكرج، وخوفا منهم ليدفع الشر عنه، وقد تقدمت القصة، وهكذا دربند شروان.