وعظم أمرهم إلى حد ان ركن الدين بن قلج أرسلان، صاحب قونية، وأقصرا، وملطية، وسائر بلاد الروم التي للمسلمين جمع عساكره وحشد معها غيرها فاستكثر، وقصد أرزن الروم، وهي لأخيه طغرل شاه بن قلج أرسلان، فأتاه الكرج وهزموه، وفعلوا به وبعسكره كل عظيم، وكان أهل دربند شروان معهم في الضنك والشدة.
وأما أرمينية فإن الكرج دخلوا مدينة أرجيش، وملكوا قرش وغيرها، وحصروا خلاط، فلولا أن الله سبحانه من على المسلمين بأسر إيواني مقدم عساكر الكرج لملكوها، فاضطر أهلها إلى ان بنوا لهم بيعة في القلعة، يضرب فيها الناقوس، فرحلوا عنهم، وقد تقدم تفصيل هذه الحملة.
ولم يزل هذا الثغر من أعظم الثغور ضررا، على المجاورين من الفرس قبل الإسلام، وعلى المسلمين بعدهم من أول الإسلام إلى الآن ولم يقدم أحد عليهم هذا الإقدام، ولا فعل بهم هذه الأفاعيل، فإن الكرج ملكوا تفليس سنة خمس عشرة وخمسمائة، والسلطان حينئذ محمود بن محمد ابن ملكشاه السلجوقي، وهو من أعظم السلاطين منزلة، وأوسعهم مملكة، وأكثرهم عساكر فلم يقدر على منعهم عنها هذا مع سعة بلاده فإنه كان له الري وأعمالها وبلد الجبل وأصفهان وفارس وخوزستان والعراق وأذربيجان وأران وأرمينية وديار بكر والجزيرة والموصل والشام وغير ذلك وعمه السلطان سنجر له خراسان وما وراء النهر فكان أكثر بلاد الإسلام بأيديهم ومع هذا فإنه جمع عساكره سنة تسع عشرة وخمسمائة وسار إليهم بعد ان ملكوها فلم يقدر عليهم.
ثم ملك بعده اخوه السلطان مسعود فكذلك وملك الدكز بلد الجبل والري وأذربيجان وأران وإطاعة صاحب خلاط وصاحب فارس