ويستبعدها والحق بيده فمتى استبعد ذلك فلينظر أنا سطرنا نحن وكل من جمع التاريخ في أزماننا هذه في وقت كل من فيه يعلم هذه الحادثة استوى في معرفتها العالم والجاهل لشهرتها يسر الله للمسلمين والاسلام من يحفظهم ويحوطهم فلقد دفعوا من العدو إلى عظيم ومن الملوك المسلمين إلى من لا تتعدى همته بطنه وفرجه ولم ينل المسلمين اذى وشدة مذ جاء النبي، صلى الله عليه وسلم، إلى هذا الوقت مثل ما دفعوا إليه الآن.
هذا العدو الكافر التتر قد وطؤوا بلاد ما وراء النهر وملكوها وخربوها وناهيك به [سعة] بلاد وتعدت طائفة منهم النهر إلى خراسان فملكوها وفعلوا مثل ذلك ثم إلى الري وبلد الجبل وأذربيجان وقد اتصلوا بالكرج فغلبوهم على بلادهم.
والعدو الآخر الفرنج قد ظهر من بلادهم في أقصى بلاد الروم بين الغرب والشمال ووصلوا إلى مصر فملكوا مثل دمياط وأقاموا فيها ولم يقدر المسلمون على إزعاجهم عنها ولا إخراجهم منها وباقي ديار مصر على خطر فإنا لله وإنا إليه راجعون ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
ومن أعظم الأمور على المسلمين ان سلطانهم خوارزمشاه محمدا قد عدم لا يعرف حقيقة خبره فتارة يقال مات عن همذان وأخفي موته وتارة دخل أطراف بلاد فارس ومات هناك وأخفى موته لئلا يقصدها التتر في اثره وتارة يقال عاد إلى طبرستان وركب البحر فتوفي في جزيرة هناك وبالجملة فقد عدم ثم صح موته ببحر طبرستان وهذا عظيم مثل خراسان وعراق العجم أصبح سائبا لا مانع له ولا سلطان يدفع عنه والعدو يجوس البلاد يأخذ ما أراد ويترك ما أراد على انهم لم يبقوا على مدينة