يصلح لهم وما لا يصلح لهم وأحرقوه واختفى بعض الناس منهم فكانوا يأخذون الأسارى ويقولون لهم نادوا في الدروب ان التتر قد رحلوا فإذا نادى أولئك خرج من اختفى فيؤخذ ويقتل.
وبلغني أن امرأة من التتر دخلت دارا وقتلت جماعة من أهلها وهم يظنونها رجلا فوضعت السلاح وإذا هي امرأة فقتلها رجل اخذته أسيرا؛ وسمعت من بعض أهلها ان رجلا من التتر دخل فيه مائة رجل فما زال يقتلهم واحدا واحدا حتى أفناهم ولم يمد أحد يده اليه بسوء ووضعت الذلة على الناس فلا يدفعون عن نفوسهم قليلا ولا كثيرا نعوذ بالله من الخذلان.
ثم رحلوا عنها نحو مدينة إربل ووصل الخبر إلينا بذلك بالموصل فخفنا حتى إن بعض الناس هم بالجلاء خوفا من السيف وجاءت كتب مظفر الدين صاحب إربل إلى بدر الدين صاحب الموصل يطلب منه نجدة من العساكر فسير جمعا صالحا من عسكره وأراد ان يمضي إلى طرف بلاده من جهة التتر ويحفظ المضايق لئلا يجوزها أحد فإنها جميعها جبال وعرة ومضايق لا يقدر [أن] يجوزها إلا الفارس بعد الفارس ويمنعهم من الجواز إليه.
ووصلت كتب الخليفة ورسله إلى الموصل والى مظفر الدين يأمر الجميع بالاجتماع مع عساكره بمدينة دقوقا ليمنعوا التتر فإنهم ربما عدلوا عن جبال إربل لصعوبتها إلى هذه الناحية ويطرقون العراق فسار مظفر الدين من إربل في صفر وسار إليهم جمع من عسكر الموصل وتبعهم من المتطوعة كثير.
وأرسل الخليفة أيضا إلى الملك الأشرف يأمره بالحضور بنفسه في عسكره ليجتمع الجميع على قصد التتر وقتالهم فاتفق ان الملك المعظم بن الملك العادل وصل من دمشق إلى أخيه الأشرف وهو بحران يستنجده على الفرنج الذين