الليل أوقد الكفار نيرانهم وتركوها بحالها وساروا وكذلك فعل المسلمون أيضا كل منهم سئم القتال فأما الكفار فعادوا إلى ملكهم جنكزخان وأما المسلمون فرجعوا إلى بخاري فاستعد للحصار لعلمه بعجزه لأن طائفة من عسكره لم يقدر خوارزمشاه على أن يظفر بهم فكيف إذا جاؤوا جميعهم مع ملكهم فأمر أهل بخارى وسمرقند بالاستعداد للحصار وجمع الذخائر للامتناع وجعل في بخاري عشرين ألف فارس من العسكر يحملونها وفي سمرقند خمسين ألفا وقال لهم احفظوا البلد حتى أعود إلى خوارزم وخراسان وأجمع العساكر واستنجد بالمسلمين وأعود إليكم.
فلما فرغ من ذلك رحل عائدا إلى خراسان فعبر جيحون ونزل بالقرب من بلخ فعسكر هناك.
وأما الكفار فإنهم رحلوا بعد أن استعدوا يطلبون ما وراء النهر فوصلوا إلى بخارى بعد خمسة أشهر من وصول خوارزمشاه وحصروها وقاتلوها ثلاثة أيام قتالا شديدا متتابعا فلم يكن للعسكر الخوارزمي بهم قوة ففارقوا البلد عائدين إلى خراسان فلما أصبح أهل البلد وليس عندهم من العسكر أحد ضعفت نفوسهم فأرسلوا القاضي وهو بدر الدين قاضيخان ليطلب الأمان للناس فأعطوهم الأمان.
وكان قد بقي من العسكر طائفة لم يمكنهم الهرب مع أصحابهم فاعتصموا بالقلعة فلما أجابهم جنكزخان إلى الأمان فتحت أبواب المدينة يوم الثلاثاء رابع ذي الحجة من سنة ست عشرة وستمائة فدخل الكفار بخارى ولم يتعرضوا إلى أحد بل قالوا لهم كل ما هو للسلطان عندكم