فوصل الخبر إلى بدر الدين ليلا فجد في الأمر ونادى في العسكر لوقته بالرحيل فساروا مجدين إلى العمادية وحصروها وكان الزمان شتاء والبرد شديد والثلج هناك كثير فلم يتمكنوا من القتال من بها لكنهم أقاموا يحصرونها وقام مظفر الدين كوكبري بن زين الدين صاحب إربل في نصر عماد الدين وتجرد لمساعدته فراسله بدر الدين يذكره الايمان والعهود التي من جملتها انه لا يتعرض إلى شيء من اعمال الموصل ومنها قلاع الهكارية والزوزان بأسمائها ومتى تعرض إليها أحد من الناس من كان منعه بنفسه وعساكره وأعان نور الدين وبدر الدين على منعه ويطالبه بالوفاء بها.
ثم نزل عند هذا ورضي منه بالسكوت لا لهم ولا عليهم فلم يفعل وأظهر معاضدة عماد الدين زنكي فحينئذ لم تكن مكاثرة زنكي بالرجال والعساكر لقرب هذا الخصم وأعمالها الا ان العسكر البدري محاصر العمادية وبها زنكي.
ثم إن بعض الأمراء من عسكر الموصل ممن لا علم له بالحرب وكان شجاعا وهو جديد الإمارة أراد ان يظهر شجاعته ليزداد بها تقدما وأشار على من هناك من العسكر بالتقدم إلى العمادية ومباشرتها بالقتال وكانوا قد تأخروا عنها شيئا يسيرا لشدة البرد والثلج فلم يوافقوه وقبحوا رأيه فتركهم ورحل متقدما إليهم ليلا فاضطروا إلى اتباعه خوفا عليه من اذى يصيبه ومن معه فساروا اليه على غير تعبية لضيق المسلك ولأنه أعجلهم عن ذلك وحكم الثلج عليهم أيضا.
فسمع زنكي ومن معه فنزلوا ولقوا أوائل الناس وأهل مكة اخبر بشعابها فلم يثبتوا لهم وانهزموا وعادوا إلى منزلتهم ولم يقف العسكر