أهل البلد والجند والمدينة إلى الأفضل لميلهم اليه فأرسل إلى الملك الأشرف ابن الملك العادل صاحب الديار الجزرية وخلاط وغيرها يستدعيه لتكون طاعتهم له ويخطبون له ويجعل السكة باسمه ويأخذ من أعمال حلب ما اختار ولأن ولد الظاهر هو ابن أخته فأجاب إلى ذلك وسار إليهم في عساكره التي عنده وأرسل إلى الباقين يطلبهم إليه وسره ذلك للمصلحة العامة لجميعهم وأحضر اليه العرب من طيء وغيرهم ونزل بظاهر حلب.
ولما اخذ كيكاوس تل باشر كان الأفضل يشير بمعالجة حلب قبل اجتماع العساكر بها وقبل أن يحتاطوا أو يتجهزوا فعاد عن ذلك وصار يقول الرأي اننا نقصد منبج وغيرها لئلا يبقى لهم وراء ظهورنا شيء قصدا للتمادي ومرور الزمان في لا شيء فتوجهوا من تل باشر إلى جهة منبج وتقدم الأشرف نحوهم وسارت العرب في مقدمته وكان طائفة من عسكر كيكاوس نحو الف فارس قد سبقت مقدمته له فالتقوا هم والعرب ومن معهم من العسكر الأشرفي فاقتتلوا فانهزم عسكر كيكاوس وعادوا إليه منهزمين وأكثر العرب الأسر منهم والنهب لجودة خيلهم ودير خيل الروم.
فلما وصل إليه أصحابه منهزمين لم يثبت بل ولى على أعقابه يطوي المراحل إلى بلاده خائفا يترقب فلما وصل إلى أطرافها أقام.
وإنما فعل هذا لأنه صبي غر لا معرفة له بالحرب وإلا فالعساكر ما برحت تقع مقدماتها بعضها على بعض فسار حينئذ الأشرف فملك رعيان وحصر تل باشر وبها جمع من عسكر كيكاوس فقاتلوه حتى غلبوا فأخذت القلعة منهم وأطلقهم الأشرف فلما وصلوا إلى كيكاوس جعلهم في دار وأحرقها عليهم فهلكوا فعظم ذلك على الناس