ديار الروم ما بين ملطية وقونية وكان موته بمرض القولنج في سبعة أيام وكان قبل مرضه بخمسة أيام قد غدر بأخيه صاحب أنكورية وتسمى أيضا أنقرة وهي مدينة منيعة وكان مشاقا لركن الدين فحصره عدة سنين حتى ضعف وقلت الأقوات عنده فأذعن بالتسليم على عوض يأخذه فعوضه قلعة في أطراف بلده وحلف له عليها فنزل أخوه عن مدينة أنقرة وسلمها ومعه ولدان له فوضع ركن الدين عليه من أخذه وأخذ أولاده معه فقتله فلم يمض غير خمسة أيام حتى أصابه القولنج فمات واجتمع الناس بعده على ولده قلج أرسلان وكان صغيرا فبقي في الملك إلى بعد سنة إحدى وستمائة وأخذ منه على ما نذكره هناك.
وكان ركن الدين شديدا على الأعداء قيما بأمر الملك إلا أن الناس كانوا ينسبون إلى فساد الاعتقاد كان يقال إنه يعتقد أن مذهبه مذهب الفلاسفة وكان كل من يرمى بهذا المذهب يأوي إليه ولهذه الطائفة منه إحسان كثير إلا أنه كان عاقلا فلا يحب ستر هذا المذهب لئلا ينفر الناس عنه.
حكي لي عنه أنه كان عنده إنسان وكان يرمي بالزندقة ومذهب الفلاسفة وهو قريب منه فحضر يوما عنده فقيه فتناظرا فأظهر شيئا من اعتقاد الفلاسفة فقام الفقيه إليه ولطمه وشتمه بحضرة ركن الدين وركن الدين ساكت وخرج الفقيه فقال لركن الدين يجري علي مثل هذا في حضرتك ولا تنكره؟ فقال لو تكلمت لقتلنا جميعا ولا يمكن إظهار ما تريده أنت؛ فقارقه.