جمادى الأولى سنة ستمائة فأقام الفرنج بظاهره محاصرين للروم وقاتلوهم ولازموا قتالهم ليلا ونهارا وكان الروم قد ضعفوا ضعفا كثيرا فأرسلوا إلى السلطان ركن الدين سليمان بن قلج أرسلان صاحب قونية وغيرها من البلاد يستنجدونه فلم يجد إلى ذلك سبيلا.
وكان بالمدينة كثير من الفرنج مقيمين يقاربون ثلاثين ألفا ولعظم البلد لا يظهر أمرهم فتواضعوا هم والفرنج الذين بظاهر البلد ووثبوا فيه وألقوا النار مرة ثانية فاحترق نحو ربع البلد وفتحوا الأبواب فدخلوها ووضعوا السيف ثلاثة أيام وفتكوا بالروم قتلا ونهبا فأصبح الروم كلهم ما بين قتيل أو فقير لا يملك شيئا ودخل جماعة من أعيان الروم الكنيسة العظمى التي تدعى صوفيا فجاء الفرنج إليها فخرج إليهم جماعة من القسيسين والأساقفة والرهبان بأيديهم الإنجيل والصليب يتوسلون بها إلى الفرنج ليبقوا عليهم فلم يلتفتوا إليهم وقتلوهم أجمعين ونهبوا الكنيسة.
وكانوا ثلاثة مملوك: دوقس البنادقة وهو صاحب المراكب البحرية وفي مراكبه ركبوا إلى القسطنطينية وهو شيخ أعمى إذا ركب تقاد فرسه والآخر يقال له المركيس وهو مقدم الإفرنسيس والآخر يقال له كند أفلند وهو أكثرهم عددا فلما استولى على القسطنطينية اقترعوا على الملك فخرجت القرعة على كند أفلند فأعادوا القرعة ثانية وثالثة فخرجت عليه فملكوه والله يؤتي ملكه من يشاء وينزعه ممن يشاء فلما خرجت القرعة عليه ملكوه عليها وعلى ما يجاورها وتكون لدوقس البنادقة الجزائر البحرية مثل جزيرة إقريطش وجزيرة رودس وغيرهما ويكون لمركيس