ولي عهده في الملك وخلف ولد اسمه هند وخان فلما مات جعل فيها أبوه خوارزم شاه بعده ولده الآخر قطب الدين محمدا وهو الذي ملك بعد أبيه وكان بين الأخوين عداوة مستحكمة أفضت إلى ان محمدا لما ملك بعد أبيه هرب هندوخان بن ملكشاه منه على ما نذكره.
وفيها توفي شيخنا أبو القاسم يعيش بن صدقة بن علي الفراتي الضرير الفقيه الشافعي كان إماما في الفقه مدرسا صالحا كثير الصلاح سمعت عليه كثيرا لم أر مثله رحمه الله تعالى.
ولقد شاهدت منه عجبا يدل على دينه وإرادته بعمله وجه الله تعالى وذلك أني كنت اسمع عليه ببغداد سنن أبي عبد الرحمن النسائي وهو كتاب كبير والوقت ضيق لأني كنت مع الحجاج قد عدنا من مكة حرسها الله فبينما نحن نسمع عليه مع أخي الأكبر مجد الدين أبي السعادات إذ قد أتاه إنسان من أعيان بغداد وقال له قد برز الأمر لنحضر كذا فقال أنا مشغول بسماع هؤلاء السادة ووقتهم يفوت والذي يراد مني لا يفوت فقال أنا لا أحسن أذكر هذا في مقابل أمر الخليفة فقال لا عليك قل قال أبو القاسم لا احضر حتى يفرغ السماع فسألناه ليمشي معه فلم يفعل ذلك وقال اقرؤا فقرأنا فلما كان الغد حضر غلام لنا وذكر ان أمير الحاج الموصلي قد رحل فعظم الأمر علينا فقال ولم يعظم عليكم العود إلى أهلكم وبلدكم فقلنا لأجل فراغ هذا الكتاب فقال إذا رحلتم أستعير دابة وأركبها فأسير معكم وأنتم تقرؤون فإذا فرغتم عدت فمضي الغلام ليتزود ونحن نقرأ فعاد وذكر أن الحجاج لم يرحلوا ففرغنا من الكتاب فانظر إلى هذا الدين المتين يرد أمر الخليفة وهو يخافه ويرجوه ويريد يسير معنا ونحن غرباء لا يخافنا ولا يرجونا.