ونزل المسلمون عند قلعة هونين وأذن للعساكر الشرقية بالعود ظنا منه أن الفرنج يقيمون ببلادهم وأراد أن يعطي العساكر المصرية دستورا بالعود فأتاه الخبر منتصف المحرم أن الفرنج يريدون أن يحصروا حصن تبنين فسير العادل إليه عسكرا يحمونه ويمنعون عنه، ورحل الفرنج من صور ونازلوا تبنين أول صفر سنة أربع وتسعين [خمسمائة] وقاتلوا من به وجدوا في القتال ونقبوه من جهاتهم فلما علم العادل بذلك أرسل إلى العزيز بمصر يطلب منه أن يحضر هو بنفسه ويقول له إن حضرت وإلا فلا يمكن حفظ هذا الثغر فسار العزيز مجدا فيمن بقي معه من العساكر.
وأما من بحصن تبنين فإنهم لما رأوا الثقوب قد خربت القلعة ولم يبق إلا أن يملكوها بالسيف نزل بعض من فيها إلى الفرنج يطلب الأمان على أنفسهم وأموالهم ليسلموا القلعة وكان المرجع إلى القسيس الخنصلير من أصحاب ملك الألمان فقال لهؤلاء المسلمين بعض الفرنج الذين من ساحل الشام إن سلمتم الحصن استأسركم هذا وقتلكم فاحفظوا نفوسكم فعادوا كأنهم يراجعون من في القلعة ليسلموا فلما صعدوا إليها أصروا على الامتناع وقاتلوا قتال من يحمي نفسه فحموها إلى أن وصل الملك العزيز إلى عسقلان في ربيع الأول فلما سمع الفرنج بوصوله واجتماع المسلمين وأن الفرنج ليس لهم ملك يجمعهم وأن أمرهم إلى امرأة وهي الملكة فاتفقوا وأرسلوا إلى ملك قبرس واسمه هيمري فأحضروه وهو أخو الملك الذي أسر بحطين كما ذكرناه فزوجوه بالملكة زوجة الكندهري وكان رجلا عاقلا يحب السلامة والعافية فلما ملكهم لم يعد إلى الزحف على الحصن ولا قاتله.