أقبح هزيمة وانتصر المسلمون عليهم: (وجعل الله كلمة الذين كفروا السفلى وكلمته هي العليا والله عزيز حكيم).
وكان عدد من قتل من الفرنج مائة الف وستة وأربعين ألفا, أسر ثلاثة عشر ألفا وغنم المسلمون منهم شيئا عظيما فمن الخيام مائة ألف وثلاثة وأربعون ألفا ومن الخيل ستة وأربعون ألفا ومن البغال مائة الف ومن الحمير مائة ألف وكان يعقوب قد نادى في عسكره من غنم شيئا فهو له سوى السلاح وأحصى ما حمل إليه منه فكان زيادة على سبعين ألف لبس وقتل من المسلمين نحو عشرين ألفا.
ولما انهزم الفرنج اتبعهم أبو يوسف فرآهم قد أخذوا قلعة رياح وساروا عنها من الرعب والخوف فملكها وجعل فيها واليا وجندا يحفظونها وعاد إلى مدينة أشبيلية.
وأما ألفنش فإنه لما انهزم حلق رأسه ونكس صليبه وركب حمارا وأقسم أن لا يركب فرسا ولا بغلا حتى تنصر النصرانية فجمع جموعا عظيمة وبلغ الخبر بذلك إلى يعقوب فأرسل إلى بلاد الغرب مراكش وغيرها يستنفر الناس من غير إكراه فأتاه من المتطوعة والمرتزقين جمع عظيم فالتقوا في ربيع الأول سنة اثنتين وتسعين وخمسمائة فانهزم الفرنج هزيمة قبيحة وغنم المسلمون ما معهم من الأموال والسلاح والدواب وغيرها وتوجه إلى مدينة طليطلة فحصرها وقاتلها قتالا شديدا وقطع أشجارها وشن الغارة على ما حولها من البلاد وفتح فيها عدة حصون فقتل رجالها وسبى حريمها وخرب دورها وهدم أسوارها فضعفت النصرانية حينئذ وعظم أمر الإسلام بالأندلس وعاد يقوب إلى أشبيلية فأقام بها.