ولما غلق الملك رضوان أبواب حلب ولم يجتمع بالعساكر السلطانية رحلوا إلى معرة النعمان واجتمع بهم طغتكين صاحب دمشق ونزل على الأمير مودود فاطلع من الأمراء على نيات فاسدة في حقه فخاف أن تؤخذ منه دمشق فشرع في مهادنة الفرنج سرا وكانوا قد نكلوا عن قتال المسلمين فلم يتم ذلك وتفرقت العساكر.
وكان سبب تفرقهم أن الأمير برسق الذي هو أكبر الأمراء كان به نقرس فهو يحمل في محفة ومات سكمان القطبي كما ذكرنا وأراد الأمير أحمديل صاحب مراغة العود ليطلب أن يقطعه ما كان لسكمان من البلاد وأتابك طغتكين صاحب دمشق خاف الأمراء على نفسه فلم ينصحهم إلا أنه حصل بينه وبين مودود صاحب الموصل مودة وصداقة فتفرقوا لهذه الأسباب وبقي مودود وطغتكين بالمعرة فساروا منها ونزلوا على نهر العاصي.
ولما سمع الفرنج بتفرق عساكر الإسلام طمعوا وكانوا قد اجتمعوا كلهم بعد الاختلاف والتباين وساروا إلى أفامية فسمع بهم سلطان بن منقذ صاحب شيزر فسار إلى مودود وطغتكين وهون عليهما أمر الفرنج وحرضهما على الجهاد فرحلوا إلى شيزر ونزلوا عليها ونزل الفرنج بالقرب منهم فضيق عليهم عسكر المسلمين الميرة ولزوهم بالقتال والفرنج يحفظون نفوسهم ولا يعطون مصافا فلما رأوا قوة المسلمين عادوا إلى