فلم يصل إليه وعاد من الطريق وأصر صدقة على القول الأول فحينئذ سار السلطان ثامن رجب من الزعفرانية وسار صدقة في عساكره إلى قرية مطر وأمر جنده بلبس السلاح واستأمن ثابت بن سلطان بن دبيس بن علي بن مزيد وهو بان عم صدقة إلى السلطان محمد وكان يحسد صدقة وهو الذي تقدم ذكره أنه كان بواسط فأكرمه السلطان وأحسن إليه ووعده الإقطاع.
ووردت العساكر إلى السلطان منهم بنو برسق وعلاء الدولة أبو كاليجار كرشاسب بن علي بن فرامرز أبي جعفر بن كاكويه وآباؤه كانوا أصحاب أصبهان وفرامرز هو الذي سلمها إلى طغرلبك وقتل أبوه مع تتش.
وعبر عسكر السلطان دجلة ولم يعبر هو فصاروا مع صدقة على أرض واحدة بينهما نهر والتقوا تاسع عشر رجب وكانت الريح في وجوه أصحاب السلطان فلما التقوا صارت في ظهورهم وفي وجوه أصحاب صدقة ثم إن الأتراك رموا بالنشاب فكان يخرج في كل رشقة عشرة آلاف نشابة فلم يقع سهم إلا في فرس أو فارس وكان أصحاب صدقة كلما حملوا منعهم النهر من الوصول إلى الأتراك والنشاب ومن عبر منهم لم يرجع وتقاعدت عبادة وخفاجة وجعل صدقة ينادي يا آل خزيمة يا آل ناشرة يا آل عوف؛ ووعد الأكراد بكل جميل لما ظهر من شجاعتهم وكان راكبا على فرسه المهلوب ولم يكن لأحد مثله فجرح الفرس ثلاث جراحات وأخذه الأمير أحمديل بعد قتل صدقة فسيره إلى بغداد في سفينة فمات في الطريق.
وكان لصدقة فرس آخر قد ركبه حاجبه أبو نصر بن تفاحة فلما رأى