ثم أرسل السلطان أقضى القضاة أبا سعيد الهروي إلى صدقة يطيب قلبه ويزيل خوفه ويأمره بالانبساط على عادته ويعرفه عزمه على قصد الفرنج ويأمره بالتجهيز للغزاة معه فأجاب إن السلطان قد أفسد أصحابه قلبه علي وغيروا حالي معه وزال ما كان عليه في حقي من الإنعام وذكر سالف خدمته ومناصحته، وقال سعيد بن حميد صاحب جيشه لم يبق لنا في صلح السلطان مطمع ولترون خيولنا بحلوان؛ وامتنع صدقة من الاجتماع بالسلطان.
ووصل السلطان إلى بغداد في العشرين من ربيع الآخر ومعه وزيره نظام الملك أحمد بن نظام الملك وسير البرسقي شحنة بغداد في جماعة من الأمراء إلى صرصر فنزلوا عليها وكان السلطان جريدة لا يبلغ عسكره ألفي فارس، فلما تيقن ببغداد مكاشفة صدقة أرسل إلى الأمراء يأمرهم بالوصول إليه والجد في السير وتعجيل ذلك، فوردوا إليه من كل جانب.
ثم وصل كتاب صدقة إلى الخليفة في جمادى الأولى يذكر أنه واقف عند ما يرسم له ويقرر من حاله مع السلطان ومهما أمرته من ذلك امتثله فأنفذ الخليفة الكتاب إلى السلطان فقال السلطان أنا متمثل ما يأمر به الخليفة ولا مخالفة عندي فأرسل الخليفة إلى صدقة يعرفه إجابة السلطان إلى ما طلب منه ويأمره بإنفاذ ثقته ليستوثق له ويحلف السلطان على ما يقع الاتفاق عليه فعاد صدقة عن ذلك الرأي وقال إذا رحل السلطان عن بغداد أمددته بالمال والرجال وما يحتاج إليه في الجهاد وأما الآن وهو ببغداد وعسكره بنهر