قولي ولا يخالفون أمري. فساروا معه في رجب سنة أربع وأربعين وأربعمائة فلم يلقوا من يدافعهم فاستولوا على ما مروا به في طريقهم وقصد بهم إلى قصر بانة فحصروها فخرج إليهم ابن الحواس فقاتلهم فهزمه الفرنج فرجع إلى الحصن، فرحلوا عنه وساروا في الجزيرة واستولوا على مواضع كثيرة وفارقها كثير من أهلها من العلماء والصالحين، وسار جماعة من أهل صقلية إلى المعز بن باديس وذكروا له ما الناس فيه بالجزيرة من الخلف وغلبه الفرنج على كثير منها فعمر أسطولا كبيرا وشحنه بالرجال والعدد وكان الزمان شتاء فساروا إلى قوصرة فهاج عليهم البحر فغرق أكثرهم ولم ينج إلا القليل.
وكان ذهاب هذا الأسطول مما أضعف المعز وقوى عليه العرب حتى أخذوا البلاد منه فملك حينئذ الفرنج أكثر البلاد على مهل وتؤدة لا يمنعهم أحد، واشتغل صاحب إفريقية بما دهمه من العرب ومات المعز سنة ثلاث وخمسين وأربعمائة وولي ابن تميم فبعث أيضا أسطولا وعسكرا إلى الجزيرة وقدم عليه ولديه أيوب وعليا فوصلوا إلى صقلية فنزل أيوب والعسكر المدينة ونزا علي جرجنت من أيوب ثم انتقل أيوب إلى جرجنت فمر علي بن الحواس أن ينزل في قصره وأرسل هدية كثيرة.
فلما أقام أيوب فيها أحبه أهلها فحسده ابن الحواس فكتب إليهم ليخرجوه فلم يفعلوا فساروا إليه في عسكره وقاتله فشد أهل جرجنت من أيوب وقاتلوا معه فبينما ابن الحواس يقاتل أتاه سهم غرب فقتله فملك العسكر عليهم أيوب.
ثم وقع بعد ذلك بين أهل المدينة وبين عبيد تميم فتنة أدت إلى القتال ثم زاد