وركب ليلة الجمعة سحرا وصبح بجيشه جيش المعتمد بكرة الجمعة غدرا وظنا منه أن ذلك المخيم هو جميع عسكر المسلمين فوقع القتال بينهم فصبر المسلمون فأشرفوا على الهزيمة.
وكان المعتمد قد أرسل إلى أمير المسلمين يعلمه بمجيء الفرنج للحرب فقال احملوني إلى خيام الفرنج فسار إليها فبينما هم في القتال وصل أمير المسلمين إلى خيام الفرنج فنهبها وقتل من فيها فلما رأى الفرنج ذلك لم يتمالكوا أن انهزموا وأخذهم السيف وتبعهم ا لمعتمد من خلفهم ولقيهم أمير المسلمين من بين يديهم ووضع فيهم السف فلم يفلت منهم أحد ونجا الأذفونش في نفر يسير وجعل المسلمون من رؤوس القتلى كوما كثيرة فكانوا يؤذنون عليها إلى أن جيفت فأحرقوها.
فكانت الوقعة يوم الجمعة في العشر الأول من شهر رمضان سنة تسع وسبعين [وأربعمائة]، فأصاب المعتمد جراحات في وجهه وظهرت ذلك اليوم شجاعته ولم يرجع من الفرنج إلى بلادهم غير ثلاثمائة مائة فارس وغنم المسلمون كل مالهم من مال وسلاح ودواب وغير ذلك.
وعاد ابن عباد إلى إشبيلية ورجع أمير المسلمين إلى الجزيرة ا لخضراء وعبر إلى سبتة إلى مراكش فأقام بها إلى العام المقبل وعاد إلى الأندلس وحضر معه المعتمد بن عباد في عسكره وعبد الله بن بلكين الصنهاجي، صاحب غرناطة في عسكره، وساروا حتى نزلوا على ليط وهو حصن منيع بيد الفرنج فحصروه حصرا شديدا فلم يقدروا على فتحه فرحلوا عنه بعد مدة ولم يخرج إليهم أحد من الفرنج لما أصابهم في العام