وحزم، فازداد استعدادا فرأى في منامه كأنه راكب فيل وبين يديه طبل صغير وهو ينقر فيه فقص رؤياه على القسيسين فلم يعرفوا تأويلها فأحضر رجلا مسلما عالما بتأويل الرؤيا فقصها عليه فاستعفاه من تعبيرها فلم يعفه فقال تأويل هذه الرؤيا من كتاب الله العزيز وهو قوله تعالى: (ألم تر كيف فعل ربك بأصحاب الفيل) السورة وقوله تعالى: (فإذا نقر في الناقور فذلك يومئذ يوم عسير على الكافرين غير يسير)؛ ويقتضي هلاك هذا الجيش الذي تجمعه.
فلما اجتمع جيشه رأى كثرته فأعجبته فأحضر ذلك المعبر وقال له بهذا الجيش ألقى إله محمد صاحب كتبكم فانصرف المعبر وقال لبعض المسلمين هذا الملك هالك وكل من معه؛ وذكر قول رسول الله (ثلاث مهلكات) الحديث وفيه (وإعجاب المرء بنفسه).
وسار أمير المسلمين والمعتمد بن عباد حتى أتوا أرضا يقال لها الزلاقة من بلد بطليوس وأتى الأذفونش فنزل موضعا بينه وبينهم ثمانية عشر ميلا فقيل لأمير المسلمين إن ابن عباد ربما لم ينصح ولا يبذل نفسه دونك فأرسل عليه أمير المسلمين يأمره أن يكون في المقدمة ففعل ذلك وسار وقد ضرب الأذفونش خيامه في لحف جبل والمعتمد في سفح جبل يتراؤون وينزل أمير المسلمين وراء الجبل الذي عنده المعتمد وظن الأذفونش أن عساكر المسلمين ليس إلا الذي يراه.
وكان الفرنج في خمسين ألفا فتيقنوا الغلب وأرسل الأذفونش إلى المعتمد في ميقات القتال وقصده الملك فقال غدا الجمعة وبعده الأحد فيكون اللقاء يوم الاثنين فقد وصلنا على حال تعب واستقر الأمر على هذا،