حتى يأخذوا صلحهم فلما بلغهم مسيركم إليهم قتلوا الرهائن وميعادهم أن يقاتلوا غدا ويفتحوا لهم القصر.
فبعث المسيب رجلين رجلا من العرب ورجلا من العجم ليعلما علم القوم فأقبلا في ليلة مظلمة وقد أخذت الترك الماء في نواحي القصر فليس يصل إليه أحد ودنوا من القصر فصاح بهما الربيئة فقالا: له اسكت وادع لنا عبد الملك بن دثار فدعاه فأعلماه بقرب المسيب منهم وقالا: هل عندكم امتناع الليلة وغدا قالوا: قد اجمعنا على تقديم نسائنا للموت أمامنا حتى نموت جميعا غدا فرجعا إلى المسيب فأخبراه فقال لمن معه إني سائر إلى هذا العدو فمن أحب أن يذهب فليذهب فلم يفارقه أحد وبايعوه على الموت.
فأصبح وسار وقد ازداد القصر تحصينا بالماء الذي أجراه الترك فلما صار بينة وبين الترك نصف فرسخ نزل وقد أجمع على بياتهم فلما أمسى أمر أصحابه بالصبر وحثهم عليه وقال ليكن شعاركم يا محمد ولا تتبعوا موليا وعليكم بالدواب فاعقروها فإنها إذا عقرت كانت أشد عليهم منكم وليست بكم قلة فإن سبعمائة سيف لا يعرب بها في عسكر إلا أوهنوه وان كثر أهله وجعل على ميمنته كثيرا الدبوسي وعلى مسيرته ثابت قطنة وهو من الأزد فلما دنوا منهم كبروا وذلك في السحر وثار الترك وخالطهم المسلمون فعقروا الدواب وترجل المسيب في رجاله معه فقاتلوا قتالا شديدا وانقطعت يمين البختري المرائي فأخذ السيف بشماله فقطعت فجعل يذب بيديه حتى استشهد وضرب ثابت قطنة عظيما من عظماء الترك فقتله وانهزمت الترك ونادى منادي المسيب لا تتبعوهم فإنهم لا يدرون من الرعب اتبعوهم أم لا واقصدوا القصر، لا تحملوا إلا الماء ولا