وقيل له: ما تصنع ههنا وقد قتل يزيد وحبيب ومحمد وانهزم الناس منذ طويل فتفرق الناس عنه ومضى المفضل إلى واسط فما كان من العرب أضرب بسيفه ولا أحسن تعبية للحرب ولا أغشى للناس منه وقيل بل أتاه أخوه عبد الملك وكره أن يخبره بقتل يزيد فيستقتل فقال له ان الأمير قد انحدر إلى واسط فانحدر المفضل بمن بقي من ولد المهلب إلى واسط فلما علم بقتل يزيد حلف أنه لا يكلم عبد الملك أبدا فما كلمه حتى قتل بقندابيل وكانت عينه أصيبت في الحرب فقال فضحني عبد الملك ما عذري إذا رآني الناس فقالوا: شيخ أعور مهزوم! ألا صدقني فقتلت؟ ثم قال:
(ولا خير في طعن الصناديد بالقنا * ولا في لقاء الحرب بعد يزيد) فلما فارق المفضل المعركة جاء عسكر الشام إلى عسكر يزيد فقاتلهم أبو رؤبة صاحب المرجئة ساعة من النهار وأسر مسلمة نحو ثلاثمائة أسير فسرحهم إلى الكوفة فحبسوا فيها فجاء كتاب يزيد بن عبد الملك إلى محمد بن عمرو بن الوليد يأمره بضرب رقاب الأسرى فأمر العريان بن الهيثم وكان على شرطته أن يخرجهم عشرين عشرين وثلاثين ثلاثين فقام نحو ثلاثين رجلا من تميم فقالوا: نحن انهزمنا بالناس فابدأوا بنا قبل الناس فأخرجهم العريان فضرب رقابهم وهم يقولون انهزمنا بالناس فكان هذا جزاءنا فلما فرغوا منهم جاء رسول بكتاب من عند مسلمة يأمره بترك قتل الأسرى وأقبل مسلمة حتى نزل الحيرة.
ولما أتت هزيمة يزيد إلى واسط أخرج ابنه معاوية اثنين وثلاثين أسيرا