ثيابا بياضا تحتها الغلائل وتطيبوا ولبسوا النعال والأردية ودخلوا عليه وعنده عظماء قومه فجلسوا فلم يكلمهم الملك ولا أحد ممن عنده فنهضوا فقال الملك لمن حضره كيف رأيتم هؤلاء فقالوا: رأينا قوما ما هم إلا نساء ما بقي منا أحد إلا انتشر ما عنده.
فلما كان الغد دعاهم فلبسوا الوشي والعمائم الخز والمطارف وغدوا عليه فلما دخلوا قيل لهم: ارجعوا وقال لأصحابه كيف رأيتم هذه الهيئة؟ قالوا: هذه أشبه بهيئة الرجال من تلك. فلما كان اليوم الثالث دعاهم فشدوا سلاحهم ولبسوا البيض والمغافر وأخذوا السيوف والرماح والقسي وركبوا فنظر إليهم ملك الصين فرأى أمثال الجبال مقبلة فلما دنوا ركزوا رماحهم وأقبلوا مشمرين فقيل لهم: ارجعوا فركبوا خيولهم وأخذوا رماحهم ودفعوا خيلهم كأنهم يتطاردون فقال الملك لأصحابه كيف ترونهم قالوا: ما رأينا مثل هؤلاء.
فلما أمسى بعث إليهم أن ابعثوا إلي زعيمكم فبعثوا إليه هبيرة بن مشمرج فقال له حين دخل عليه قد رأيتم عظم ملكي وأنه ليس أحد يمنعكم مني وأنتم في يدي بمنزلة البيضة في كفي وإني سائلكم عن أمر فإن لم تصدقوني قتلتكم قال سل قال لم صنعتم بزيكم الأول اليوم الأول والثاني والثالث ما صنعتم قال أما زينا اليوم الأول فلباسنا في أهلنا وأما اليوم الثاني فزينا إذا أممنا أمراءنا وأما الثالث فزينا لعدونا قال ما أحسن ما دبرتم دهركم فقولوا لصاحبكم ينصرف فإني قد عرفت قلة أصحابه وإلا بعث إليكم من يهلككم قالوا: كيف يكون قليل الأصحاب من أول خيله في بلادك وآخرها في منابت الزيتون وأما تخويفك إيانا بالقتل فإن لنا آجالا إذا حضرت