أن لي في أحد هوى إلا عبث به! وكتب إلى هشام في ذلك يعاتبه ويسأله أن يرد عليه كاتبه. فلم يرده، فكتب إليه الوليد:
(رأيتك تبني دائما في قطيعتي * ولو كنت ذا حزم لهدمت ما تبني) (تثير على الباقين مجنى ضغينة * فويل لهم إن مت من شر ما تجني) (كأني بهم والليت أفضل قولهم * ألا ليتنا والليت إذ ذاك لا يغني) (كفرت يدا من منعم لو شكرتها * جزاك بها الرحمن ذو الفضل والمن) فلم يزل الوليد مقيما في تلك البرية حتى مات هشام فلما كان صبيحة اليوم الذي جاءته فيه الخلافة قال لأبي الزبير المنذر بن أبي عمرو ما بت على ليلة منذ عقلت عقلي أطول من هذه الليلة عرضت لي هموم وحدثت نفسي فيها بأمور [من] أمر هذا الرجل، يعني هشاما قد أولع بي فاركب بنا نتنفس فركبا وسارا ميلين ووقف على كثيب فنظر إلى رهج فقال هؤلاء رسل هشام فسأل الله من خيرهم فبينما هما كذلك إذ بدا رجلان على البريد أحدهما مولى لأبي محمد السفياني [والآخر جردبة]، فلما قربا نزلا يعدوان حتى دنوا منه فسلما عليه بالخلافة فوجم ثم قال أمات هشام؟ قالا: نعم والكتاب معنا من سالم بن عبد الرحمن صاحب ديوان الرسائل فقرأه وسأل مولى أبي محمد السفياني عن كاتبه عياض فقال لم يزل محبوسا حتى نزل بهشام الموت فأرسل إلى الخزان وقال احتفظوا ما في أيديكم فأفاق هشام فطلب شيئا فمنعوه فقال إنا لله كنا خزانا للوليد ومات من ساعته وخرج