ففعل ذلك هشام، وسار الحرشي فكان لا يمر بمدينة إلا ويستنهض أهلها فيجيبه من يريد الجهاد ولم يزل كذلك حتى وصل إلى مدينة أرزن فلقيه جماعة من أصحاب الجراح وبكوا وبكى لبكائهم وفرق فيهم نفقة وردهم معه وجعل لا يلقاه أحد من أصحاب الجراح إلا رده معه ووصل إلى خلاط وهي ممتنعة عليه فحصرها أيضا وفتحها وقسم غنائمها في أصحابه ثم سار عن خلاط وفتح الحصون والقلاع شيئا بعد شيء إلى أن وصل إلى برذعة فنزلها.
وكان ابن خاقان بومئذ بأذربيجان يغير وينهب ويسبي ويقتل وهو محاصر مدينة ورثان فخاف الحرشي أن يملكها فأرسل بعض أصحابه إلى أهل ورثان سرا يعرفهم وصولهم ويأمرهم بالصبر فسار القاصد ولقيه بعض الخزر فأخذوه وسألوه عن حاله فأخبرهم وصدقهم فقالوا: له إن فعلت ما نأمرك به أحسنا إليك وأطلقناك وإلا قتلناك قال فما الذي تريدون قالوا: تقول لأهل ورثان إنكم ليس لكم مدد ولا من يكشف ما بكم وتأمرهم بتسليم البلد إلينا فأجابهم إلى ذلك.
فلما قارب المدينة وقف بحيث يسمع أهلها كلامه فقال لهم أتعرفونني قالوا: نعم أنت فلان قال فإن الحرشي قد وصل إلى مكان كذا في عساكر كثيرة وهو يأمركم بحفظ البلد والصبر ففي هذين اليومين يصل إليكم فرفعوا أصواتهم بالتكبير والتهليل.
وقتلت الخزر ذلك الرجل ورحلوا عن مدينة ورثان فوصلها الحرشي في العساكر وليس عندها أحد فارتحل يطلب الخزر إلى أردبيل فسار الخزر