يحسن إليكم فقال [له] يزيد: كيف تكون العرب وهم ذئاب مع الترك وهم شاء! لا يكون بيننا وبينهم صلح فغضب بازغرى وكان معه تركيان فقالا: ألا تضرب عنقه فقال إنه نزل بأمان وفهم يزيد ما قالا: فخاف فقال بلى إنما تجعلوننا نصفين فيكون نصفنا مع أثقالنا ويسير النصف معكم فإن ظفرتم فنحن معكم وإن كان غير ذلك كنا كسائر مدائن الصغد فرضوا بذلك وقال أعرض على أصحابي هذا وصعد في الحبل فلما صار على السور نادى يا أهل كمرجة اجتمعوا فقد جاءكم قوم يدعونكم إلى الكفر بعد الإيمان فما ترون؟ قالوا: لا نجيب ولا نرضى قال يدعونكم إلى قتال المسلمين مع المشركين قالوا: نموت قبل ذلك فرد بازغرى.
ثم أمر خاقان بقطع الخندق فجعلوا يلقون الحطب الرطب ويلقي المسلمون الحطب اليابس حتى سوى الخندق ليقطعوا إليهم فأشعلوا فيه النيران وهاجت ريح شديدة صنعا من الله فاحترق الحطب وكانوا جمعوه في سبعة أيام في ساعة واحدة.
ثم فرق خاقان على الترك أغناما وأمرهم أن يأكلوا لحمها ويحشوا جلودها ترابا ويكبسوا خندقها ففعلوا ذلك فأرسل الله سحابة فمطرت مطرا شديدا فاحتمل السيل ما في الخندق وألقاه في النهر الأعظم ورماهم المسلمون بالسهام فأصابت بازغرى نشابة في سرته فمات من ليلته فدخل عليهم بموته أمر عظيم فلما امتد النهار جاؤوا بالأسرى الذين عندهم وهم مائة فيهم أبو العوجاء العتكي والحجاج بن حميد النضري فقتلوهم ورموا برأس الحجاج وكان عند المسلمين مائتان من أولاد المشركين رهائن فقتلوهم واستماتوا واشتد القتال.
ولم يزل أهل كمرجة كذلك حتى أقبلت جنود العرب فنزلت فرغانة