منها ما أمكن تغريقه فكان ما أخذ من سفنهم نحوا من أربعمائة سفينة وأقبل بمن معه من الأسارى وبالرؤوس إلى عسكر الموفق (وفى ذي الحجة) لست بقين منه عبر الموفق بنفسه إلى مدينة الفاسق وجيشه لحربه ذكر السبب الذي من أجله كان عبوره إليها وكان السبب في ذلك فيما ذكر أن الرؤساء من أصحاب الفاسق لما رأوا ما قد حل بهم من البلاء من قتل من يظهر منهم وشدة الحصار على من لزم المدينة فلم يظهر منهم أحد وحال من خرج منهم بالأمان من الاحسان إليه والصفح عن جرمه مالوا إلى الأمان وجعلوا يهربون في كل وجه ويخرجون إلى أبى أحمد في الأمان كلما وجدوا إليه السبيل فملئ الخبيث من ذلك رعبا وأيقن بالهلاك فوكل بكل ناحية كان يرى أن فيها طريقا للهرب من عسكره احراسا وحفظة وأمرهم بضبط تلك النواحي ووكل بفوهة الأنهار من يمنع السفن من الخروج منها واجتهد في سد كل مسلك وطريق وثلمة لئلا يطمع في الخروج عن مدينته وأرسل جماعة من قواد الفاجر صاحب الزنج إلى الموفق يسألونه الأمان وأن يوجه لمحاربة الخبيث جيشا ليجدوا إلى المصير إليه سبيلا فأمر الموفق أبا العباس بالمصير في جماعة من أصحابه إلى الموضع المعروف بنهر الغربي وعلي بن أبان حينئذ يحوط ذلك النهر فنهض أبو العباس في المختارين من أصحابه ومعه الشذا والسميريات والمعابر فقصد النهر الغربي وانتدب المهلبي وأصحابه لحربه فاستعرت الحرب بين الفريقين وعلا أصحاب أبي العباس وقهروا الزنج وأمد الفاسق المهلبي بسليمان بن جامع في جمع من الزنج كثير واتصلت الحرب يومئذ من أول النهار إلى وقت العصر وكان الظفر في ذلك اليوم لأبي العباس وأصحابه وصار إليه القوم الذين كانوا طلبوا الأمان من قواد الخبيث ومعهم جمع كثير من الفرسان وغيرهم من الزنج فأمر أبو العباس عند ذلك أصحابه بالرجوع إلى الشذا والسفن وانصرف فاجتاز في منصرفه بمدينة الخبيث حتى انتهى إلى الموضع المعروف بنهر الأتراك فرأى أصحابه من قلة عدد الزنج في هذا الموضع من النهر ما طمعوا له فيمن كان
(٨٦)