نصير بالقصد لفوهة نهر أبى الخصيب والمحاربة لما يظهر من شذوات الخبيث وقد كان استكثر منها وأعد فيها المقاتلة وانتخبهم وقصد أبو أحمد بجميع من معه لركن من أركان مدينة الخبيث قد كان حصنه بابنه المعروف بانكلاى وكنفه بعلى بن أبان وسليمان بن جامع وإبراهيم بن جعفر الهمداني وحفه بالمجانيق والعرادات والقسي الناوكية وأعد فيه الناشبة وجمع فيه أكثر جيشه فلما التقى الجمعان أمر الموفق غلمانه الناشبة والرامحة والسودان بالدنو من الركن الذي فيه جمع الفسقة وبينه وبينهم النهر المعروف بنهر الأتراك وهو نهر عريض غزير الماء فلما انتهوا إليه أحجموا عنه فصيح بهم وحرضوا على العبور فعبروا سباحة والفسقة يرمونهم بالمجانيق والعرادات والمقاليع والحجارة عن الأيدي وبالسهام عن القسي الناوكية وقسى الرجل وصنوف الآلات التي يرمى عنها فصبروا على جميع ذلك حتى جاوزوا النهر وانتهوا إلى السور ولم يكن لحقهم من الفعلة من كان أعد لهدمه فتولى الغلمان تشعيث السور بما كان معهم من سلاحهم ويسر الله ذلك وسهلوا لأنفسهم السبيل إلى علوه وحضرهم بعض السلاليم التي كانت أعدت لذلك فعلوا الركن ونصبوا هنالك علما من أعلام الموفق وأسلم الفسقة سورهم وخلوا عنه بعد أن حوربوا عليه أشد حرب وقتل من الفريقين خلق كثير وأصيب غلام من غلمان الموفق يقال له ثابت بسهم في بطنه فمات وكان من قواد الغلمان وجلتهم ولما تمكن أصحاب الموفق من سور الفسقة أحرقوا ما كان عليه من منجنيق وعراداة وقوس ناوكية وخلوا عن تلك الناحية وأسلموها وقد كان أبو العباس قصد بأصحابه في الخيل النهر المعروف بمنكى فمضى علي بن أبان المهلبي في أصحابه قاصدا لمعارضته ودفعه عما صمد له والتقيا فظهر أبو العباس عليه وهزمه وقتل جمعا كثيرا من أصحابه وأفلت المهلبي راجعا وانتهى أبو العباس إلى الموضع الذي قدر أن يصل منه إلى مدينة الفاسق من مؤخر نهر منكى وهو يرى أن المدخل من ذلك الموضع سهل فدخل إلى الخندق فوجده عريضا ممتنعا فحمل أصحابه على أن يعبروه بخيولهم وعبره الرجالة سباحة حتى وافوا السور فثلموا
(٨٨)