نصير المعروف بأبي حمزة عن قتالهم والاقدام عليهم كما كان يفعل لقلة ما معه من الشذا وأكثر شذوات الموفق يومئذ مع نصير وهو المتولي لأمرها فارتاع لذلك أهل عسكر الموفق وخافوا أن يقدم على عسكرهم الزنج بما معهم من فضل الشذا فورد عليهم في هذه الحال شذوات كان الموفق تقدم في بنائها بجنابا فأمر أبا العباس بتلقيها فيما معه من الشذا حتى يورها العسكر اشفاقا من اعتراض الزنج عليها في دجلة فسلمت وأتى بها حتى إذا وافت عسكر نصير فبصر بها الزنج طمعوا فيها فأمر الخبيث بإخراج شذواته وأمر أصحابه بمعارضتها والاجتهاد في اقتطاعها فنهضوا لذلك فتسرع غلام من غلمان أبى العباس شجاع يقال له وصيف يعرف بالحجر أي في شذوات كن معه فشد على الزنج فانكشفوا وتبعهم حتى وافى بهم نهر أبى الخصيب وانقطع عن أصحابه فكروا عليه شذواتهم وانتهى إلى مضيق فعلقت مجاديف بعض شذواته بمجاديف بعض شذواتهم فجنحت وتقصفت بالشط وأحاط به الآخرون واكتنفوه من جوانبه وانحدر عليه الزنج من السور فحاربهم بمن كان معه حربا شديدا حتى قتلوا وأخذ الزنج شذواتهم فأدخلوها نهر أبى الخصيب ووافى أبو العباس بالشذوات الجنابية سالمة بما فيها من السلاح والرجال فأمر أبو أحمد أبا العباس بتقلد أمر الشذوات كلها والمحاربة بها وقطع مواد المير عنهم من كل جهة ففعل ذلك فأصلحت الشذوات ورتب فيها المختارون من الناشبة والرامحة حتى إذا أحكم أمرها أجمع ورتبها في المواضع التي كانت تقصد إليها شذوات الخبيث وتعيث فيها أقبلت شذواته على عادتها التي كانت قد جرت عليها فخرج إليهم أبو العباس في شذواته وأمر سائر أصحاب الشذا أن يحملوا بحملته ففعلوا ذلك وخالطوهم وطفقوا يرشقونهم بالسهام ويطعنونهم بالرماح ويقذفونهم بالحجارة وضرب الله وجوههم فولوا منهزمين وتبعهم أبو العباس وأصحابه حتى أولجوهم نهر أبى الخصيب وغرق لهم ثلاث شذوات وظفر بشذاتين من شذواتهم بما فيها من المقاتلة والملاحين فأمر أبو العباس بضرب أعناق من ظفر به منهم فلما رأى الخبيث ما نزل بأصحابه امتنع من إخراج الشذا عن فناء قصره ومنع أصحابه أن يجاوزوا بها الشط الا في الأوقات
(٨٤)