من قواد غلمانه السودان وعرفائهم بأن يقصدوا المواضع التي يعتادها الزنج وأن يستميلوهم ويستدعوا طاعتهم فمن أبى الدخول منهم في ذلك قتلوه وحملوا رأسه وجعلي لهم جعلا فحرصوا وواظبوا على الغدو والرواح فكانوا لا يخلون في يوم من الأيام من جماعة يجلبونهم ورؤس يأتون بها وأسارى يأسرونهم قال محمد ابن الحسن قال محمد بن حماد ولما كثر أسارى الزنج عند الموفق أمر باعتراضهم فمن كان منهم ذا قوة وجلد ونهوض بالسلاح من عليه وأحسن إليه وخلطه بغلمانه السودان وعرفهم ما لهم عنده من البر والاحسان ومن كان منهم ضعيفا لا حراك به أو شيخا فانيا لا يطيق حمل السلاح أو مجروحا جراحة قد أزمنته أمر بأن يكسى ثوبين ويوصل بدراهم ويزود ويحمل إلى عسكر الخبيث فيلقى هناك بعد ما يؤمر بوصف ما عاين من إحسان الموفق إلى كل من يصير إليه وان ذلك رأيه في جميع من يأتيه مستأمنا ويأسره منهم فتهيأ له من ذلك ما أراد من استمالة أصحاب صاحب الزنج حتى استشعروا الميل إلى ناحيته والدخول في سلمه وطاعته وجعل الموفق وابنه أبو العباس يغاديان حرب الخبيث ومن معه ويراوحانها بأنفسهما ومن معهما فيقتلان ويأسران ويجرحان وأصاب أبا العباس في بعض تلك الوقعات سهم جرحه فبرأ منه (وفى رجب) من هذه السنة فتل بهبوذ صاحب الخبيث ذكر الخبر عن سبب مقتله * ذكر أن أكثر أصحاب الفاسق غارات وأرشدهم تعرضا لقطع السبيل وأخذ الأموال كان بهبوذ بن عبد الوهاب وكان قد جمع من ذلك مالا جليلا وكان كثير الخروج في السميريات الخفاف فيخترق الأنهار المؤدية إلى دجلة فإذا صادف سفينة لأصحاب الموفق أخذها فأدخلها النهر الذي خرج منه فان تبعه تابع حتى توغل في طلبه خرج عليه من النهر قوم من أصحابه قد أعدهم لذلك فاقتطعوه وأوقعوا به فلما كثر ذلك وتحرز منه ركب شذاة وشبهها بشذوات الموق ونصب عليها مثل اعلامه وسار بها في دجلة فإذا ظفر بغرة من أهل العسكر أوقع بهم فقتل وأسر ويتجاوز إلى نهر الأبلة ونهر معقل وبثق شيرين ونهر الدير
(٩٨)