أخاه (ووردت) الاخبار فيها عن مصر أن النيل غار ماؤه وغلت الأسعار عندهم ذكر ابتداء أمر القرامطة (وفيها) وردت الاخبار بحركة قوم يعرفون بالقرامطة بسواد الكوفة فكان ابتداء أمرهم قدوم رجل من ناحية خوزستان إلى سواد الكوفة ومقامه بموضع منه يقال له النهرين يظهر الزهد والتقشف ويسف الخوص ويأكل من كسبه ويكثر الصلاة فأقام على ذلك مدة فكان إذا قعد إليه إنسان ذا كره أمر الدين وزهده في الدنيا وأعلمه أن الصلاة المفترضة على الناس خمسون صلاة في كل يوم وليلة حتى فشا ذلك عنه بموضعه ثم أعلمهم أنه يدعو إلى امام من أهل بيت الرسول فلم يزل على ذلك يقعد إليه الجماعة فيخبرهم من ذلك بما تعلق قلوبهم وكان يقعد إلى بقال في القرية وكان بالقرب من البقال نخل اشتراه قوم من التجار واتخذوا حظيرة جمعوا فيها ما صرموا من حمل النخل وجاؤا إلى البقال فسألوه أن يطلب لهم رجلا يحفظ عليهم ما صرموا من النخل فأومى لهم إلى هذا الرجل وقال إن أجابكم إلى حفظ ثمرتكم فإنه بحيث تحبون فناظروه على ذلك فأجابهم إلى حفظه بدراهم معلومة فكان يحفظ لهم ويصلى أكثر نهاره ويصوم ويأخذ عند افطاره من البقال رطل تمر فيفطر عليه ويجمع نوى ذلك التمر فلما حمل التجار ما لهم من التمر صاروا إلى البقال فحاسبوا أجيرهم هذا على أجرته فدفعوها إليه فحاسب الأجير البقال على ما أخذ منه من التمر وحط من ذلك ثمن النوى الذي كان دفعه إلى البقال فسمع التجار ما جرى بينه وبين البقال في حق النوى فوثبوا عليه فضربوه وقالوا ألم ترض أن أكلت تمرنا حتى بعت النوى فقال لهم البقال لا تفعلوا فإنه لم يمس تمركم وقص عليهم قصته فندموا على ضربهم إياه وسألوه أن يجعلهم في حل ففعل وازداد بذلك نبلا عند أهل القرية لما وقفوا عليه من زهده ثم مرض فمكث مطروحا على الطريق وكان في القرية رجل يحمل على أثوار له أحمر العينين شديدة حمرتهما وكان أهل القرية يسمونه كر ميته لحمرة عينيه وهو بالنبطية أحمر العينين فكلم البقال كرميته هذا
(١٥٩)