(وفيها) أوقع رشيق غلام أبى العباس بن الموفق بقوم من بنى تميم كانوا أعانوا الزنج على دخول البصرة وإحراقها وكان السبب في ذلك أنه كان انتهى إليه أن قوما من هؤلاء الاعراب قد جلبوا ميرة من البر إلى مدينة الخبيث طعاما وإبلا وغنما وأنهم في مؤخر نهر الأمير ينتظرون سفنا تأتيهم من مؤخر عسكر الفاجر تحملهم وما معهم فسرى إليهم رشيق في الشذا فوافى الموضع الذي كانوا حلوا به وهو النهر المعروف بالإسحاقي فأوقع بهم وهم غارون فقتل أكثرهم وأسر جماعة منهم وهم تجار كانوا خرجوا من عسكر الخبيث لجلب الميرة وحوى ما كان معهم من أصناف المير والشاء والإبل والحمير التي كانوا حملوا عليها الميرة فحمل الاسرى والرؤوس في الشذا وفى سفن كانت معه إلى الموفقية فأمر الموفق فعلقت الرؤس في الشذا وصلب الأسارى هنالك وأظهر ما صار إلى رشيق وأصحابه وطيف بذلك في أقطار العسكر ثم أمر بالرؤس والأسارى فاجتيز بهم على عسكر الخبيث حتى عرفوا ما كان من رشيق من الايقاع بجالبي المير إليهم ففعل ذلك وكان فيمن ظفر به رشيق رجل من الاعراب كان يسفر بين صاحب الزنج والاعراب في جلب الميرة فأمر به الموفق فقطعت يده ورجله وألقى في عسكر الخبيث ثم أمر بضرب أعناق الأسارى فضربت وسوغ أصحاب رشيق ما أصابوا من أموالهم وأمر لرشيق بخلع وصلة ورده إلى عسكره فكثر المستأمنون إلى رشيق فأمر أبو أحمد بضم من خرج منهم إلى رشيق إليه فكثروا حتى كان كأكثر العساكر جمعا وانقطعت عن الخبيث وأصحابه المير من الوجوه كلها وانسد عليهم كل مسلك كان لهم فأضربهم الحصار وأضعف أبدانهم فكان الأسير منهم يؤسر والمستأمن يستأمل فيسئل عن عهده بالخبز فيعجب من ذلك ويذكر أن عهده بالخبز مذ سنة وسنتين فلما صار أصحاب الخائن إلى هذه الحال رأى الموفق أن يتابع الايقاع بهم ليزيدهم بذلك ضرا وجهدا فخرج إلى أبى أحمد في هذا الوقت في الأمان خلق كثير واحتاج من كان مقيما في حيز الفاسق إلى الحيلة لقوته فتفرقوا في القرى والأنهار النائية عن معسكرهم في طلب القوت فتأدى الخبر بذلك إلى أبى أحمد فأمر جماعة
(٩٧)