التي يخلو دجلة فيها من شذوات الموفق فلما أوقع بهم أبو العباس هذه الوقعة اشتد جزعهم وطلب وجوه أصحاب الخبيث الأمان فأومنوا فكان ممن استأمن من وجوههم فيما ذكر محمد بن الحارث العمى وكان إليه حفظ عسكر منكى والسور الذي يلي عسكر الموفق وكان خروجه ليلا مع عدة من أصحابه فوصله الموفق بصلات كثيرة وخلع عليه وحمله على عدة دواب بحليتها وآلتها وأسنى له الرزق وكان محمد بن الحارث حاول إخراج زوجته معه وهى إحدى بنات عمه فعجزت المرأة عن اللحاق به فأخذها الزنج فردوها إلى الخبيث فحبسها مدة ثم أمر بإخراجها والنداء عليها في السوق فبيعت ومنهم أحمد المعروف بالبرذعي وكان فيما قيل من أشجع رجال الخبيث الذين كانوا في حيز المهلبي ومن قواده الزنج مديد وابن انكلويه ومنينة فخلع عليهم جميعا ووصلوا بصلات كثيرة وحملوا على الخيل وأحسن إلى جميع من جاؤوا به معهم من أصحابهم وانقطعت عن الخبيث مواد الميرة وسدت عليه وعلى من أقام معه المذاهب وأمر شبلا وأبا النداء وهما من رؤساء قواده وقدماء أصحابه الذين كان يعتمد عليهم ويثق بمناصحتهم بالخروج في عشرة آلاف من الزنج وغيرهم والقصد لنهر الدير ونهر المرأة ونهر أبى الأسد والخروج من هذه الأنهار إلى البطيحة للغارة على المسلمين وأخذ ما وجد من طعام وميرة ليقطع عن عسكر الموفق ما يرده من الميرة وغيرها من مدينة السلام وواسط ونواحيها فندب الموفق لقصدهم حين انتهى إليه خبر مسيرهم مولاه زيرك صاحب مقدمة أبى العباس وأمره بالنهوض في أصحابه إليهم وضم إليه من اختار من الرجال فمضى في الشذوات والسميريات وحمل الرجالة في الزواريق والسفن الخفاف حثيثا حتى صار إلى نهر الدير فلم يعرف لهم هنالك خبرا فصار منه إلى بثق شيرين ثم سلك في نهر عدى حتى خرج إلى نهر ابن عمر فالتقى به جيش الزنج في جمع راعته كثرته فاستخار الله في مجاهدتهم وحمل عليهم في ذوي البصائر والثبات من أصحابه فقذف الله الرعب في قلوبهم فانفضوا ووضع فيهم السلاح فقتل منهم مقتلة عظيمة وغرق منهم مثل ذلك وأسر خلقا كثيرا وأخذ من سفنهم ما أمكنه أخذه وغرق
(٨٥)