وهرب الناس الذين كانوا بمنى إلى بستان ابن ما مر وانتهب الجند مضرب أبى عدنان ربيعة بن محمد بمنى وكان أحد أمراء القوافل وأصاب المنصرفين من مكة في منصرفهم في الطريق من القطع والعطش أمر غليظ مات من العطش فيما قيل منهم جماعة وسمعت بعض من يحكى أن الرجل كان يبول في كفه ثم يشربه (وحج) بالناس فيها الفضل بن عبد الملك الهاشمي ثم دخلت سنة ست وتسعين ومائتين ذكر الخبر عما كان فيها من الاحداث فمن ذلك ما كان من اجتماع جماعة من القواد والكتاب والقضاة على خلع المقتدر وتناظرهم فيمن يجعل في موصعه فاجتمع رأيهم على عبد الله بن المعتز وناظروه في ذلك فأجابهم إلى ذلك على أن لا يكون في ذلك سفك دم ولا حرب فأخبروه أن الامر يسلم إليه عفوا وأن جميع من وراءهم من الجند والقواد والكتاب قد رضوا به فبايعهم على ذلك وكان الرأس في ذلك محمد بن داود بن الجراح وأبو المثنى أحمد بن يعقوب القاضي وواطأ محمد بن داود بن الجراح جماعة من القواد على الفتك بالمقتدر والبيعة لعبد الله بن المعتز وكان العباس بن الحسن على مثل رأيهم فلما رأى العباس أمره مستوثقا له مع المقتدر بدا له فيما كان عزم عليه من ذلك فحينئذ وثب به الآخرون فقتلوه وكان الذي تولى قتله بدر الأعجمي والحسين ابن حمدان ووصيف بن صوارتكين وذلك يوم السبت لاحدى عشرة ليلة بقيت من شهر ربيع الأول ولما كان من غد هذا اليوم وذلك يوم الأحد خلع المقتدر القواد والكتاب وقضاة بغداد وبايعوا عبد الله بن المعتز ولقبوه الراضي بالله وكان الذي أخذ له البيعة على القواد وتولى استحلافهم والدعاء بأسمائهم محمد بن سعيد الأزرق كاتب الجيش * وفى هذا اليوم كانت بين الحسين بن حمدان وبين غلمان الدار حرب شديدة من غدوه إلى انتصاف النهار (وفيه) انفضت الجموع التي كان محمد بن داود جمعها لبيعة ابن المعتز عنه وذلك أن الخادم الذي يدعى مونسا حمل غلمانا من غلمان الدار في شذوات فصاعد بها وهم فيها في دجلة
(٢٥١)