والشرطة، والكتابة، وبيوت المال، والخاتم، والبريد، ثم يسوق أسماء الرسل (السفراء). وهو يتسع في ذلك كله اتساعا لا نصيبه عند غيره من المؤرخين.
وبهذا الصنيع يقدم لنا خليفة الأساس الأول لدراسة تاريخ الإدارة والقضاء في الدولة الاسلامية في تلك الحقبة من الدهر.
في الكتاب إحصاءات لا نجدها في غيره، لان من عادة خليفة أنه عقيب الحديث عن كل معركة كبيرة هامة - كبدر، وأحد، والحرة، وقديد - يورد أسماء الذين لقوا حتفهم في هذه المعارك.
وأما من روى خليفة عنهم فمنهم أوثق الأئمة في الحديث والآثار وأحسنهم سمعة كالوليد بن هشام، ويزيد بن زريع، وأبي اليقظان وإسماعيل بن علية، وغندر محمد بن جعفر، والمدائني، ولم يحك عن أمثال أبي محنف لوط بن يحيى، وسيف بن عمر وغيرهما من الضعفاء المتهمين في عقائد هم ومذاهبهم وصدق روايتهم.
ومما يلفت النظر في أخبار الفتوح خاصة أن خليفة يحكيها من طريقين، إحداهما: عن رواة من أهل كل مصر من هذه الأمصار المفتوحة - رواية محلية -.
والأخرى: طريق أهل المدينة - الرواية الرسمية -.
وعلى سبيل المثال نجده عندما تحدث عن فتح إقليم مصر. أورد خبر هذا الفتح عن ابن لهيعة وابن حبيب وغيرهما من المصريين ثم روى خبر الفتح هذا عن الفتح عن ابن لهيعة وابن حبيب وغير هما من المصريين ثم روى خبر الفتح هذا عن عروة بن الزبير وغيره من أهل المدينة وهكذا.
ومن الملحوظ أيضا أن خليفة لا يولي في تاريخه أحداث الدولة الاسلامية الداخلية اهتماما كبيرا، ويكتفي باللمحة والإشارة، فثورة يزيد بن المهلب مثلا - لم يذكرها إلا عرضا وإشارة دونما تفصيل وإيضاح، وأما الا حديث الخارجية من مغار وفتوحات وما إلى ذلك فإنه يوليها عناية كبيرة، وقد انفرد برواية أخبار هامة في هذا الباب.
ومما انفرد به - فيما أعلم - أن أبا بكر الصديق أرسل حاطب بن أبي بلتعة إلى مصر فعقد معاهدة مع المقوقس استمرت قائمة حتى تمت حركة زمن عمر بن الخطاب.