وسبعين وأربعمائة للهجرة كتبها ناسخ اسمه أحمد الأشعري، لم أهتد إلى معرفته، وعليها مقابلة تمت في شهر، ربيع الحرام عام تسع وسبعين وأربعمائة، وأحسن ضبط النسخة، ولم يعسف بما قدمها إلا بخرم صغير ذهب ببضعة أسطر في الصفحة الأولى. ويبدو أنها عورضت على أكثر من نسخة أم، وبلغ من دقة صاحبها أنه أثبت في هوامشها ما وقف عليه من اختلاف في النسخ، كما حشى عليها ببعض التنبيهات على أوهام المؤلف، ويذكر أيضا بعض الروايات المخالفة منقولة من كتب أخرى منها كتاب (نسب قريش) للمصعب الزبيري، وكتب الدارقطني و (تاريخ البخاري)، و (البيان والتبيين) للجاحظ وغير ذلك، ونجد أيضا في هوامش النسخة شروحا قليلة وتراجم لبعض الرواية.
وهي برواية بقي بن مخلد عن خليفة. وبقي هو أبو عبد الرحمن. " من حفاظ المحدثين وأئمة الدين، والزهاد الصالحين، رحل إلى المشرق فروى عن الأئمة وأعلام السنة، يزيدون لي المائتين، وكتب المصنفات الكبار، والمنثور الكبير، وبالغ في الجمع والراية ورجع إلى الأندلس فملأها علما جما، وألف كتبا حسانا تدل على احتفاله واستكثاره. وقد اختلف في تاريخ موته بين سنة ست وسبعين ومائتين وثلاث وسبعين ومائتين. ورجع الحميدي في جذوة المقتبس - 331 - أنه كان في الأندلس سنة ست وسبعين ومائتين بعد ذكره حادثة تثبت أنه كان حيا سنة خمس وسبعين.
ويبدو أن عددا من العلماء رووا الكتاب عن بقي، فغيروا من مظهره الخارجي وتقسيماته إلى أجزاء، فيذكر ابن خير الإشبيلي في فهرسته / ص 225 / أن كتاب التاريخ لخليفة بن خياط مولف من عشرة أجزاء، بينما نجد نسختنا هذه تقع في جزء واحد يضم / 168 / ورقة وتشتمل الصفحة منها على واحد وعشرين سطرا، وخطها أندلسي أنيق صحيح متقن.
ولما وقت على هذه النسخة الثمينة الفريدة من التاريخ رأيت أن أحقق هذا الكتاب وأخرجه للناس قرنا لكتاب الطبقات للمؤلف نفسه، فقمت بانتساخه وضبطت نصوصه وقيدت أسماء الاعلام بالشكل وترجمت لبعضها مما تدعو الضرورة إليه، كما عرفت بالأماكن الواردة في الكتاب تعريفا موجزا، ولم أذهب في كل ذلك مذهب التبسط، ولك لان معظم رجاله مشهورون ولان الكتاب