" وسألت أبي عنه فقال: لا أحدث عنه هو غير قوى، كتبت من مسنده أحاديث ثلاثة عن أبي الوليد، فأتيت أبا الوليد وسألته عنها فأنكرها وقال: ما هذه من حديثي، فقلت: كتبتها من كتاب شباب العصفري فعرفه وسكن غصبه.
قال أبو محمد: انتهى أبو زرعة إلى أحاديث كان أخرجها في فوائده عن شباب العصفري فلم يقرأها علينا فضربنا عليها وتركنا الرواية عنه " (1).
وابن أبي حاتم وأبوه من المتشددين في الجرح، حتى إن البخاري صاحب الصحيح لم ينج منهما، وليس فيما حكياه ما يدل دلالة قاطعة على لين في خليفة، ذلك أن أبا الوليد الطيالسي أنكر الأحاديث في البداية - وقد يكون سبب ذلك أنه وجد في رجال الأحاديث من ينكر أمره - ثم سكت وسكن غضبه عند إعلامه أن الرواية عن خليفة، وهذا يعني صدق خليفة في الرواية عنه، ولعله يعني أيضا أن أبا الوليد قد روى الأحاديث في زمن مضى ثم تبين له بعد ذلك من أمرها ما أنكر، - وهذا الامر كثير الحدوث -.
ولا أظن أن الأمر يعدو هذه الحال، ولو عداده لما سكن غضب الطيالسي ولنال من خليفة ووصفه بالادعاء أو الكذب.
ونرى ابن عدي ينتصر في كامله الخليفة عندما روى عن ابن المديني قوله:
" لو لم يحدث شباب كان خيرا له ".
قال ابن عدي: " حدثنا محمد بن جعفر بن يزيد المطيري ثنا محمد بن يونس ابن موسى سمعت علي بن المديني يقول: لو لم يحدث شباب كان خيرا له، وكان الفضل بن الحباب يذكر أنه كان عند أبي الوليد وقال: لم لا أحدثه؟.
قال ابن عدي: ولا أدري هذه الحكاية عن علي بن المديني (لو لم يحدث شباب كان خيرا له).