الصلوات الخمس، وكصوم شهر رمضان، وكتحريم الميتة والدم والخنزير، والاقرار بالقرآن، وجملة الزكاة، فهذه أمور من بلغته فلم يقر بها فليس مسلما، فإذا ذلك كذلك فكل من قال بها فهو مسلم، فقد صح أنها إجماع من جميع أهل الاسلام.
والقسم الثاني: شئ شهده جميع الصحابة رضي الله عنهم من فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو تيقن أنه عرفه كل من غاب عنه صلى الله عليه وسلم منهم، كفعله في خيبر إذ أعطاها يهود بنصف ما يخرج منها من زرع أو تمر. يخرجهم المسلمون إذا شاؤوا.
فهذا لا شك عند كل أحد في أنه لم يبق مسلم في المدينة إلا شهد الامر أو وصل إليه، يقع ذلك الجماعة من النساء والصبيان الضعفاء. ولم يبق بمكة والبلاد النائية مسلم إلا عرفه وسر به. على أن هذا القسم من الاجماع قد خالفه قوم بعد عصر الصحابة رضي الله عنهم، وهما منهم وقصدا إلى الخير وخطأ باجتهادهم فهذان قسمان للاجماع ولا سبيل إلى أن يكون الاجماع خارجا عنهما، ولا أن يعرف إجماع بغير نقل صحيح إليهما. ولا يمكن أحدا إنكارهما، وما عداهما فدعوى كاذبة، وبالله تعالى ومن ادعى أنه يعرف إجماعا خارجا من هذين النوعين. فقد كذب على جميع أهل الاسلام، ونعوذ بالله العظيم من مثل هذا.
قال أبو محمد: نا محمد بن سعيد بن عمر بن نبات، نا محمد بن أحمد بن مفرج، نا ابن الورد، نا أحمد بن حماد زغبة، نا يحيى بن بكير، نا الليث بن سعد، حدثني عقيل بن خالد عن ابن شهاب، قال أخبرني أنس بن مالك: أنه سمع عمر بن الخطاب الغد حين بايع المسلمون أبا بكر في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد استوى أبو بكر على المنبر ثم استوى - يعني عمر - فتشهد قبل أبي بكر فقال: أما بعد، فإني قلت لكم أمس مقالة وإنها لم تكن كما قلت، وإني والله ما وجدت المقالة التي قلت لكم في كتاب أنزله الله تعالى، ولا في عهد عهده إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكني كنت أرجو أن يعيش رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى يدبرنا، فاختار الله لرسوله الذي عنده على الذي عندكم، وهذا الكتاب الذي هدى الله به رسوله، فخذوا به تهتدوا بما هدي له رسول الله صلى الله عليه وسلم.