النهى تنزيهي، فلا شك ان مفاد الثاني هو ترخيص اتيانها فيه وانه راجح ذاتا وصحيح لمكان الترخيص، لكنه مرجوح بالإضافة إلى سائر الافراد، ولا يلزم من ذلك اجتماع الراجحية والمرجوحية في مورد واحد لما عرفت ان المرجوحية لأجل قياسها إلى سائر الافراد وفى المكان الخاص لا في حد ذاته، و (بذلك) يظهر النظر فيما افاده شيخنا العلامة أعلى الله مقامه فراجع.
واما إذا كان كيفية دلالته مجهولة ولم نعلم أنه للتنزيه أو للتحريم فللتوقف فيه مجال فان كل واحد يصلح ان يقع بيانا للاخر إذ النهى كما يمكن أن يكون بيانا لاطلاق المطلق ويقيد متعلق الأمر بمقتضى النهى، (كذلك) يصلح أن يكون المطلق بيانا للمراد من النهى وانه تنزيهي، و (الحاصل) ان الامر دائر بين حمل النهى على الكراهة وحفظ الاطلاق، وبين رفع اليد عن الاطلاق وحمله على المقيد (هذا) ولكن الاظهر هو حمل المطلق على المقيد وابقاء النهى على ظهوره، لان التنافي كما هو عرفي كذلك الجمع عرفي أيضا، ولا شك ان لحاظ محيط التشريع يوجب الاستيناس والانتقال إلى كونهما من باب المطلق والمقيد، لشيوع ذلك الجمع وتعارفه بينهم، واما جعل المطلق بيانا للنهي وان المراد منه هو الكراهة فهو جمع عقلي لا يختلج بباله لعدم معهودية هذا التصرف ويمكى ان يقال إن الهيأت بما هي معان حرفية لا يلتفت إليها الذهن حين التفاته إلى المطلق والمقيد والجمع بينهما وكيف كان فلا ينبغي الاشكال في حمل المطلق على المقيد في هذه الصورة.
واما ما ربما يقال (في ترجيح ما اخترناه) من أن ظهور النهى في التحريم وضعي مقدم على الظهور الاطلاقي، (غير تام) لما عرفت ان الوجوب والتحريم خارجان عن الموضوع له، وان الهيئة لم توضع فيهما الا للبعث والزجر، فأين الظهور اللفظي.
فان قلت إن هنا وجها آخر للجمع بينهما وقد أشار إليه بعض الأعاظم وجعل المقام من باب اجتماع الامر والنهى على القول بكون المطلق والمقيد داخلين في ذاك الباب فلو قلنا بالجواز هناك يرفع التعارض بين المطلق والمقيد