فيتعدى منه إلى الأعم، فغير صحيح إذ لا أظن أن يكون بين الاخبار في الباب خبر يكون جامعا لعامة الشرائط المحتملة التي قد قلنا بها من باب الاخذ بالقدر المتيقن ومع ذلك يكون من حيث المفاد أعم أي دالا على حجية قول المطلق الثقة فإنه مجرد فرض فان القدر المتيقن من تلك الأخبار، هو الخبر الحاكي من الامام بلا واسطة، مع كون الراوي من الفقهاء نظراء زرارة، ومحمد بن مسلم وأبى بصير ومعلوم انه ليس بينها خبر جامع لتلك الشرائط دال على حجية قول مطلق الثقة.
واما ما افاده بعض أعاظم العصر من أن أغلب الطوائف وان لم يكن متواترا الا انه لا اشكال في أن مجموعها متواترة للعلم بصدور بعضها عنهم صلوات الله عليهم، ففيه ان العلم بصدور البعض لا يمكن الاستدلال به على حجية قول الثقة مطلقا، إذ من المحتمل أن يكون الصادر منهم ما يدل على حجية قول الثقة إذا كان جامعا لشرائط خاصة وبالجملة العلم بصدور البعض لا يكفي في استنتاج الأعم، على أنه يمكن منع التواتر لأنها مع كثرتها منقولة عن عدة كتب خاصة لا تبلغ حد التواتر واشترطوا في تحقق التواتر، كون الطبقات عامتها متواترة والتواتر في جميعها ممنوع.
نعم هيهنا وجه آخر لاثبات حجية مطلق قول الثقة وحاصله: انه ان ثبت حال السيرة العقلائية، وظهر ان بناء العقلاء على العمل بمطلق قول الثقة، فهو والا فالقدر المتيقن، من السيرة هو بنائهم على حجية الخبر العالي السند، الذي يكون رواته كلهم ثقات عدول، قد زكاهم جمع من العدول، ولا اشكال في أنه يوجد بين تلك الروايات ما يكون جامعا لتلك الشرائط، مع كونه دالا على حجية قول الثقة مطلقا فقد روى الكليني عن محمد بن عبد الله الحميري ومحمد بن يحيى جميعا عن عبد الله بن جعفر الحميري، عن أحمد بن إسحاق عن أبي الحسن قال سئلته وقلت: من أعامل وعمن آخذ، وقول من اقبل، فقال العمرى ثقتي، فما أدى إليك عنى فعنى يؤدى، و ما قال لك عنى، فعنى يقول فاسمع له وأطع فإنه الثقة المأمون، ونحوها صحيحته الأخرى، وهذه الرواية مع علوها، رواته كلهم من المشايخ العظام، ممن اتفق