صحيح بل الظاهر كونه غاية للنفر المستفاد وجوبه من " لولا " التحضيضية الظاهرة في الوجوب ومع ذلك أيضا ليس للآية ظهور تام في وجوب النفر حتى يترتب عليه وجوب التحذر فان صدر الآية أعني قوله تعالى: وما كان المؤمنون لينفروا كافة.
يعطى ان الغرض المسوق له الكلام هو النهى عن النفر العمومي وانه لا يسوغ للمؤمنين ان ينفروا كافة وابقاء رسول الله وحيدا فريدا، وعلى ذلك فيصير المآل من الآية هو النهى عن النفر العمومي، لا ايجاب النفر للبعض فالحث انما هو على لزوم التجزية وعدم النفر العمومي، لا على نفر طائفة من كل فرقة للتفقه ودعوى ان ذلك خلاف ظاهر الآية، بشهادة انه لو كان الغرض هو المنع عن النفر العمومي لكان الواجب الاكتفاء على قوله عز شانه فلو لا نفر من كل فرقة طائفة، من دون ان يعقبه بما ذكره بعده من التفقه والرجوع والانذار والتحذر، فان التعقيب بما ذكر شاهد على أن الغرض هو الحث على تحصيل هذه المطالب من بدئها إلى ختامها، أضف إلى ذلك ان قوله تعالى وما كان المؤمنون الخ ليس نهيا ولا منعا بل اخبارا عن أمر تكويني خارجي، وهو امتناع النفر العمومي، امتناعا واضحا يحكم به ضرورة العقول لاستلزامه اختلال النظام، ثم اردف ذلك عز شانه بنفر البعض، لعدم استلزامه هدم النظام وفساد المجتمع.
مدفوعة بان عدم الاكتفاء على الجملة الأولى يمكن أن يكون لدفع ما ربما ينقدح في الأذهان من بقاء ساير الطوائف على جهالتهم وعدم تفقههم في الدين فقال عز شانه يكفي لذلك تفقه طائفة فليست الآية في مقام بيان وجوب النفر بل في مقام بيان لزوم التفرقة بين الطوائف وقوله وما كان المؤمنون اخبار في مقام الانشاء ولو بقرينة شان نزولها كما قال المفسرون وليس المراد بيان أمر واضح لهم يختلج ببال أحد لزوم نفر جميع الناس في جميع الأدوار إلى طلب العلم والتفقه حتى لزم التنبه به الا ان يحمل ذكره لصرف المقدمة لما بعده وهو أيضا بعيد مخالف لشأن نزول الآية وقول المفسرين.
ومنها ان ما ذكره (قدس سره) من أن المراد من الحذر هو الحذر العملي وهو