مما لا سبيل لانكاره، وقد عرفت عدم المعارضة بينهما، لان المفهوم لا يقتضى تخصيص العموم بل هو على حاله من العموم بل انما يقتضى خروج خبر العادل عن موضوع القضية، لا عن حكمها فلا معارضة بينهما أصلا لعدم تكفل العام لبيان موضوعه وضعا و رفعا، بل هو متكفل لحكم الموضوع علي فرض وجوده، والمفهوم يمنع عن وجوده (انتهى) وفيه: اما أولا فلان التعليل مانع عن المفهوم في المقام بلا اشكال لا لما ذكره المستشكل من اقوائية التعليل، بل السر ما وافاك من أن دلالة الشرطية على المفهوم واستفادة ذلك من تلك القضية مبنية على ظهور الشرط في القضية في كونه علة منحصرة بحيث ينتفى الحكم بانتفائه، واما إذا صرح المتكلم بالعلة الحقيقية، وكان التعليل أعم من الشرط أو كان غير الشرط فلا معنى لاستفادة العلية فضلا عن انحصارها، فلو قال إن جائك زيد فأكرمه ثم صرح ان العلة انما هو علمه، فنستكشف ان المجئ ليس علة ولا جزء منها، وهذا واضح جدا وهو أيضا من الاشكالات التي لا يمكن الذب عنه وقد غفل عنه الاعلام وعليه فلا وقع لما أفادوه في دفعه وثانيا: ان جعل الجهالة بمعنى السفاهة أو مالا ينبغي الركون إليه كما أوضحه تبعا للشيخ الأعظم غير وجيه، بل المراد منها عدم العلم بالواقع، ويدل عليه جعلها مقابلا للتبين بمعنى تحصيل العلم واحراز الواقع، ومعلوم ان الجهالة بهذا المعنى مشترك بين خبري العادل والفاسق بل لا يبعد ان يقال إن الآية ليست بصدد بيان ان خبر الفاسق لا يعتنى به لان مناسبات صدرها وذيلها وتعليلها موجبة لظهورها في أن النبأ الذي له خطر عظيم وترتيب الأثر عليه موجب لمفاسد عظيمة و الندامة، كإصابة قوم ومقاتلتهم، لابد من تبينه، والعلم بمفاده ولا يجوز الاقدام على طبقه بلا تحصيل العلم لا سيما إذا جاء به فاسق (فح) لابد من ابقاء ظاهر الآية على حاله، فان الظاهر من التبيين، طلب الوضوح، وتحقيق صدق الخبر وكذبه، كما أن المراد من الجهالة ضد التبيين، أعني عدم العلم بالواقع، لا السفاهة، ولو فرض انها إحدى معانيها مع امكان منعه لعدم ذكرها في جمله معانيها في المعاجم و
(١٨١)